سلوكيات المستهلك .. واستراتيجية التسويق «1 من 2»
سلوكيات المستهلك قوة ذات تأثير، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بمقاومة المستهلك منتجات جديدة.
ليس من السهل إقناع المستهلكين بشراء منتج جديد، وينبغي لهم اعتماده بعد عملية الشراء، ما يشكل بدوره عقبة كبيرة. وتأتي مقاومة المستهلكين المنتجات الجديدة بأشكال عدة، وغالبا ما يستخف بمدى تأثر المستهلك بسلوكياته القديمة، لكن فهْم هذه الظاهرة قد يحول دون ضياع جهود الشركة في البحث والتطوير، ويحمي ابتكاراتها من الفشل.
ما ينوي المستهلك القيام به وما يفعله أمران مختلفان كليا. ففي مرحلة ما، أقدم معظمنا على شراء منتج بنية استخدامه، ولكننا لم نقم بتلك الخطوة. قد يكون ذلك المنتج مجرد عبوة فيتامينات، أو عطرا جديدا أو عجلة رياضية.
توجد آليات للمقاومة. فعلى سبيل المثال، يتخذ المستهلك قرارا بعدم اعتماد منتج ما بسبب بعض المخاوف. أجرت جينيفر لابريك من جامعة جنوب كاليفورنيا ــــ بالشراكة مع بعض الأشخاص غير الأكاديميين، بحثا لدراسة أحد أشكال المقاومة السلبية للمستهلك، أطلقنا عليها "التأثير السلبي للسلوكيات"؛ أي عندما يفشل المستهلك في اعتماد منتج جديد؛ بسبب عاداته التي يكون لها تأثير كبير في كثير من الأحيان.
وتوصلنا في ورقة عمل نشرت في "مجلة أكاديمية علوم التسويق"، إلى نتيجة مفادها بأن العودة إلى سلوكيات سابقة من دون وجود النية للقيام بذلك، هي السبب الأكثر شيوعا لعدم استخدام المستهلك سلعة جديدة دوريا على الرغم من وجود النية لديه. ووجدنا أيضا أنه بإمكان المسوقين الترويج لمنتج جديد من خلال تشجيع المستهلكين على ضمه إلى روتينهم. باختصار، تعد سلوكيات المستهلك بمنزلة قوة مؤثرة ينبغي للمسوقين الاستفادة منها عوضا عن محاربتها.
باشرنا الدراسة باستطلاع شمل 150 مشاركا يعملون في MTurk، طلبنا منهم تسمية منتجَين قاموا بشرائهما خلال الأشهر الستة الماضية، بعضهم قام باستخدامه دوريا، وبعضهم الآخر كان يعتزم استخدامه ولكنه لم يقم بذلك. قام المشتركون بتسمية مجموعة واسعة من المنتجات بدءا من الإلكترونيات وحتى الأدوات المنزلية.
تم إعطاء المشاركين 13 سببا محتملا لعدم استخدامهم المنتج، الذي اشتروه ليختاروا منها. فكانت الإجابة الأكثر شيوعا التي مثلت ربع المشتركين: "عدت إلى عادتي القديمة واستخدمت المنتج الذي اعتدت استخدامه".
توصلنا خلال الاستطلاع إلى نتيجة أخرى مفادها بأن 63 في المائة من المشاركين وجدوا أن المنتج الذي اعتادوا استخدامه قد حل مكان منتج آخر سبق أن اعتادوا استخدامه. فقط 25 في المائة من المشاركين أشاروا إلى أن المنتج الذي استخدموه بشكل نادر كان دخيلا على حياتهم. لتوضيح ذلك، دعونا نتوقف عند منتجات مثل "التوفو" و"حليب الصويا"، اللذين تم اعتمادهما في الولايات المتحدة. تم إنتاج "التوفو" في الولايات المتحدة في 1878؛ أي قبل قرن من إنتاج حليب الصويا 1985. على الرغم من ذلك لاقى حليب الصويا انتشارا أوسع، ويرجع ذلك إلى حقيقة أنه من السهل استبدال الحليب. في حين لم يلق "التوفو" الانتشار ذاته. وبسبب عدم وجود معادل أساسي واضح، كان عليه أن يفرض نفسه على العادات الغذائية للأمريكيين.
أجرينا تجربة عقب الاستطلاع لتقييم الآلية التي تكمن خلف العودة إلى عاداتنا، ثم وضعنا استراتيجيتين للتغلب عليها. قسمنا خلال الدراسة 70 طالبا جامعيا إلى ثلاث مجموعات، قاموا بتجربة معطر جديد للغسيل يتعارض مع ما اعتادوا استخدامه، وبذلك سيكون من السهولة العودة مرة أخرى إلى عاداتهم القديمة ... يتبع.