صحافة الأفراد .. تعود من جديد
كان الهدف من إلغاء الامتيازات الفردية للصحف وإصدار نظام المؤسسات الصحافية عام "1383هـ - 1964" إيجاد صحافة قوية ومشرفة.. وفعلا صدرت صحافة المؤسسات بصورة أفضل بكثير من صحافة الأفراد، حيث توافرت لها الموارد المالية، واستقطبت كوادر تحريرية أفضل، واستطاعت أن تقدم عملا صحافيا مميزا، مستفيدة من هامش الحرية الذي صاحب صدورها.. وكان بالإمكان أن يستمر هذا النجاح مدة أطول، لو أن مجالس الإدارات والجهاز المالي والإداري في تلك المؤسسات اختارت الكفاءات المؤهلة لوضع خطط التطوير والاستثمار، بدل الاعتماد على مديرين يعتمدون الأساليب التقليدية، ويفكرون بعقلية "اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب"، ولذا فإن الدخل المرتفع جدا من الإعلان كان يصرف في نهاية السنة، ورضي المساهمون بذلك، لحصولهم على نسبة لا بأس بها من الأرباح، ولو أن المصروفات الأخرى في بعض المؤسسات أكثر بكثير مما يصل إلى المساهم.. وبقي الأهم مهملا وهو إيجاد استثمار طويل الأمد يقابل ما قد يحدث من هزات، وهذا ما حصل أخيرا لكثير، إن لم نقل لجميع المؤسسات الصحافية.. واليوم يرى المراقب أن صحافة الأفراد بدأت تعود من جديد بإيجابياتها وسلبياتها.. وقد يتساءل البعض، وهل لصحافة الأفراد من إيجابيات؟.. أقول نعم، فهي أسرع تحركا وإداراتها أقدر على الثواب والعقاب، بأمر سريع من صاحب امتياز الجريدة القريب منها في الليل والنهار.. أما السلبيات فحدث ولا حرج، وأهمها تلميع الأشخاص والاندفاع الشديد دون ضوابط مهنية.. وأعني بعودة صحافة الأفراد تلك الصحف الإلكترونية التي تزداد يوما بعد يوم.. وكذلك الحسابات المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي، فالشخص الذي يفتح حسابا يعتبر مالكا لجريدة يقول فيها ما يريد.. وحيث إن السيطرة على ذلك الكم الهائل من الوسائل مستحيلة وغير مقبولة في عصر حرية الفضاء فإن فتح نوافذ لتنظيم تلك الوسائل بشكل يوفر عوائد مالية لأصحابها يمكن أن يكون فيه ترشيد مقبول لمخرجات تلك الوسائل.. فمثلا دعوة كل مجموعة متماثلة من الصحف الإلكترونية وأصحاب الحسابات الناجحة إلى الاندماج لإيجاد كيان قوي يستطيع تقديم أعمال إعلامية متكاملة، فلا يكفي إصدار جريدة تعاني الحصول على الإعلان، إنما يمكن تأسيس محطة تلفزيونية وإذاعية ووكالة أنباء تابعة لذلك الكيان.. ويمكن أيضا الاندماج بين بعض الصحف الورقية والصحف الإلكترونية الناجحة والمميزة لمصلحة الطرفين.
وأخيرا: ستكون هذه الخطوة مواكبة لـ"رؤية 2030" التي تعمل على فتح مجالات جديدة للاستثمار، يسهم فيها المواطن الذي يرغب في الربح وخدمة وطنه في الوقت نفسه.