امرأة استثنائية "1"

ترددت كثيرا قبل نشر قصة هذه السيدة ، ليس لأنها لا تستحق النشر بل لأن أحداثها أغرب من الخيال، وربما فكر الكثيرون قبل أن يصدقوها ولكن من خلال نبرات صوتها التي جاءتني عبر الهاتف شعرت بالصدق يسكن في كل كلمة كانت تنطقها!
تقول: أنا لا أريد منك سيدتي إلا نشر حكايتي ليدرك الناس أنه مهما تكالبت أحداث الحياة المريرة على شخص ما وتكوم حطام الانكسارات المتوالية فوق قلبه فلا بد وان يجد منفذا للضوء يتبعه حتى ينهض من جديد ويكمل مشواره ما دامت الأنفاس تدخل وتخرج من صدره، عشت يتيمة الأم منذ كنت في الرابعة من عمري، فعرفت طعم الفقد ووجع الحرمان، تزوج والدي بعد وفاة أمي بشهر واحد بامرأة لو كان لي الخيار لما صنفتها من عالم البشر، ذقت على يديها كل ألوان التعذيب التي قد تتخيليها في ظل صمت والدي، كنت أتمنى الموت في كل ساعة حتى صار من أجمل أحلامي، كان عزائي الوحيد الدراسة حيث تفوقت فيها إلى تلك الدرجة التي أثرت فيها غيرة أخواتي من أبي مما دفع زوجته لإخراجي من المدرسة وأنا في الصف الأول ثانوي، انكسرت روحي وفكرت في الانتحار لكني خفت من غضب الله، كان لها شقيق يعاني من تخلف عقلي وعاهة بدنية ولا يستطيع النطق، لا أدري كيف أقنعت والدي والمأذون والناس جميعا بموافقتي على الارتباط به، حاولت بشتى السبل الاعتراض ولكن لا حياة لمن تنادي، هددتها بالهرب فهددتني بالقتل ولأني كنت مجرد بنت يتيمة خائفة مستضعفة لم ينصت إليها أحد فقد استسلمت لأنه الخيار الوحيد المتاح لي في ذلك الوقت، وتم زفافي إليه في ملحمة إنسانية بائسة كان فيها الزوج لا يعلم حتى عما يدور حوله، عش الزوجية مجرد غرفة في سطح منزلنا في الأصل كان"عشة حمام"، لم تكن معاملتها لشقيقها تتصف بالإنسانية إطلاقا فقد كانت تضربه بشده حين يبعثر الطعام أو يصرخ بقوة أو يضايق إحدى بناتها المدللات لم يكن اهتمامها به بعد وفاة والديها ناتجا من محبتها له بل فقط حتى لا يتكلم الناس عنها بسوء، وربما هذا الأمر هو ما دفعني للإشفاق عليه ، شعرت أنني وإياه نتقاسم قسوة الحياة والحنين للمشاعر الإنسانية وسوداوية الظروف، بدأت في تقبله لا كزوج بل كطفل كبير يحتاجني ويشعر بالأمان بقربي، فقمت بمحاولات لتهذيب عاداته وطبائعه وشعرت بمشاعر الأمومة نحوه!
ومرت خمس سنوات من عمري وشبابي الضائع ومشاعري المستنزفة كأنثى قبل أن يحدث التغيير الأول في حياتي!
لنا عودة،،،

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي