العالم الافتراضي
حديثي في اليومين السابقين بدأ باستغراب أعضاء مجلس الشورى, بل انتقادهم لاعتماد الوزارات والهيئات أعدادا كبيرة من المباني المستأجرة لتقديم الخدمات, جرّنا الحديث إلى حالة مهمة تحتاج أغلب الوزارات والمؤسسات والهيئات العامة إلى تبنيها, وهي الاهتمام بالخدمات الإلكترونية.
غريب إذن أن يستمر الانتشار غير المقنن للمباني المستأجرة, ولعل مؤشر التحول نحو الخدمات الإلكترونية الذي يعتمده المجلس الاقتصادي كوسيلة للتعرف على تقدم عمليات الأتمتة لدى مختلف الجهات التي تقدم الخدمات للمواطن ينحو في اتجاه ربط ذلك بتقليص المساحة المادية التي تشغلها منشآت الوزارات.
الإدارات التي كانت في حاجة إلى التوسع لاستقبال الجمهور لم تعد كذلك, فالخدمة التي تقدم اليوم وتعرض على المستفيد في شاشة جهازه الشخصي, وتوصل المنتجات إلى منزله باستخدام وسائل آلية, هذه الخدمات لم تعد بحاجة لأن يكون مكتب المدير العام باتساع نصف المبنى, وقد يستغنى حتى عن هذه المكاتب من خلال مبان ذكية يمكن لكل موظف أن يكون موجودا فيها في أي مكان لتقديم خدماته وأداء مهامه, ويمكن النظر لأسلوب إدارة شركة موبايلي لمبناها الذكي الذي تخلص من البيروقراطية المكانية.
إن التحول الجديد الذي يقوده مجموعة من التنفيذيين البعيدين عن الرتابة, يحتاج إلى تبني مفاهيم مهمة تؤاخي بين التقنية والمساحات المستخدمة. والمؤكد أن المنشآت المتقدمة التي تحتاج إليها الجهات التي تقدم الخدمة للمواطن وغيره من المستفيدين مستقبلا لتقديم خدماتها, ستكون أكثر تعقيدا وتكلفة سواء في الإنشاء أو الإدامة, لكنها في الوقت نفسه ستغني عن أضعافها من المنشآت القديمة التي لا توفر الحد الأدنى من المتطلبات التقنية التي هي أهم متطلبات هذا العصر.
هذه المفاهيم التي لا بد أن نضعها في الاعتبار ستؤدي إلى مزيد من التقليص في الاستحواذ الجغرافي لمنشآت مختلف قطاعات الخدمة العامة, لكنها في الوقت نفسه ستدفع نحو المطالبة بمهارات أعلى, لدى الموظفين الذين يمارسون عملية تقديم الخدمة, وسيكون هذا بداية لشكل جديد من القوى البشرية التي يجب أن تعدها المنشآت التعليمية على مستوى الجامعات والكليات التقنية, هنا نتعرف على الترابط الكبير بين مختلف مكونات الرؤية في المملكة، وأهمية أن تتماشى كل واحدة منها في نفس المسار الاقتصادي والتقني المأمول.