خبراء التغير المناخي .. والحسابات غير الدقيقة «1من 2»

ذكرت في مقالي الأخير كيف يقوم الخبراء المختصون بالتغير المناخي في المنظمات الحكومية الدولية بتطوير وتحسين البحوث والأساليب المتبعة، وسيتمكنون قريبا من إثبات تأثير نمط حياة الإنسان في العصر الحالي، في مناخ كوكبنا. ومع ذلك لا تزال قناعة الفريق الرافض لهذه الفكرة راسخة بأن الخبراء المختصين بالتغير المناخي في المنظمات الحكومية على خطأ، أو أن الأمر كله مجرد عملية نصب واحتيال لزيادة سلطة الحكومة. وعلى الرغم من حقيقة عدم امتلاكهم أي أدلة وبحوث تثبت ادعاءاتهم بأن ارتفاع مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون غير مؤذية، أو أن الأمر في مجمله ليس بسبب ممارسات البشرية، لم يستطع أحد ردعهم وإيقاف تدخلاتهم في الأمور العلمية.
للمضي في هذا النقاش من المهم دراسة ظاهرة التغير المناخي، التي هي نقطة نزاع بين العلماء ومناهضي الفكرة. باختصار، يعتقد علماء المناخ أن الأرض تتأثر بشكل كبير بانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، بينما يشكك مناهضو هذه الفكرة في تأثيره، وردهم هذا ليس بالأمر المفاجئ. ولكن تحديد مقدار ارتفاع درجة حرارة الكوكب بسبب زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون يقطع شوطا طويلا لتسوية هذا النقاش، وهذا هو السبب لتكريسي هذا المقال بالكامل عن هذا الموضوع.
السؤال الرئيس الذي يجب علينا التعامل معه هنا: ما معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض بسبب "الاحتجاز الإشعاعي" الناتج عن زيادة الحرارة التي تصل سطح الأرض؟
التأثير الإشعاعي هو: الفرق بين أشعة الشمس التي تمتصها الأرض والطاقة المنعكسة إلى الفضاء. تعرف هذه الآلية بظاهرة "الاحتباس الحراري"، حيث يقوم غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي بامتصاص الأشعة المنعكسة من سطح الأرض ليعكسها مرة أخرى إلى سطح الأرض على شكل طاقة حرارية، حيث يصبح بمثابة غطاء. يعتقد علماء المناخ حاليا أن زيادة نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تعزز من وجود هذا الغطاء وتسبب ارتفاع درجات الحرارة في العالم. وكما هو الحال مع معظم الأشياء في المناخ المعقد، فإن لذلك انعكاسات عدة. وقد يكون من بين التأثيرات المباشرة زيادة عملية التمثيل الضوئي وتراكم الكتلة الحيوية (بشكل جزئي بسبب استخدام غاز ثاني أكسيد الكربون في عملية التسميد)، وزياد التبخر، وارتفاع نسبة بخار الماء في الغلاف الجوي. (يعد بخار الماء أكثر من جميع الغازات المسببة للاحتباس الحراري تأثيرا). وقد يقودنا ذلك للاعتقاد أنه أمر إيجابي، ولكن بحسب ريتشارد لنزن عالم المناخ القدير من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تترتب على ذلك ردود فعل سلبية. ورغم ذلك فإن فرضية لينزن عن الغيوم، لم يتم اختبار مدى صحتها بعد.
يتمثل التأثير الثاني المباشر لارتفاع درجات الحرارة، في ذوبان الجليد في القطب الشمالي والقطب الجنوبي، وهو ما يؤدي إلى خفض ارتداد أشعة الشمس عن الأرض وزيادة امتصاص الحرارة عن طريق المحيطات. وسيؤدي ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي إلى تسريع ذوبان الأنهار الجليدية وزيادة تبخر الماء من المحيطات الأكثر دفئا، وذلك ما يحدث فعليا.
يتجلى التأثير الثالث في أثر ارتفاع درجات الحرارة على ارتفاع مستوى سطح البحر. فبسبب ارتفاع درجات الحرارة تمتص المحيطات نسبة أقل من ثاني أكسيد الكربون وبالتالي ستزداد نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. فما يطلق عليه "تأثير دورة الكربون" له تأثيرات مختلفة في جميع النماذج الأخرى. لا يزال هذا مسألة خلافية. تشير التقديرات حاليا إلى أن 57 في المائة من الانبعاثات الجديدة لغاز ثاني أكسيد الكربون تمتصها المحيطات. ويؤدي ذلك إلى زيادة نسبة الحموضة، التي تعتبر ضارة للمحار والشعب المرجانية على وجه الخصوص.
بحسب القانون الأول للديناميكا الحرارية "حفظ الطاقة" عندما تكون الحالة مستقرة، فإن تدفق الطاقة من الشمس إلى الأرض على شكل موجات قصيرة يجب أن يكون بشكل متوازن على المدى الطويل، ليس بشكل لحظي، مع تدفق الطاقة على شكل حرارة منخفضة، الأشعة تحت الحمراء، أو موجات ضوئية طويلة. ففي حال عدم وجود توازن، ستزداد سخونة الأرض أو برودتها. تتدفق الموجات الطويلة حاليا بصورة أقل من تدفق القصيرة بسبب تأثير الاحتباس الحراري، ويتغير مناخ الأرض حاليا بسبب هذا الخلل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي