أسرار السعادة
في دراسة تعد الأطول في التاريخ استمرت لمدة 75 عاما، وكانت تدور حول أهم أسرار الحياة السعيدة، بدأت عام 1938 على أكثر من 200 طالب من جامعة هارفارد وتم نشر نتائجها عام 2012 في كتاب الدكتور جورج فيلان من جامعة هارفارد.
اتضح من خلال الدراسة وبعد 75 سنة من البحث واستخلاص النتائج أن الثروة أو الشهرة أو المنصب الاجتماعي لا تحقق سعادة البشر، وإنما الذي يبقينا سعداء وأكثر صحة هي العلاقات الجيدة. وخلصت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين تتسم علاقاتهم الاجتماعية بالمتانة والدفء مع الأسرة والأقارب والأصدقاء هم الأكثر سعادة ويعيشون حياة أطول وأكثر صحة جسديا ونفسيا من أولئك الأشخاص الذين تتسم علاقاتهم بالاضطراب والصراعات الاجتماعية سواء داخل الأسرة وخارجها.
مثل هذه الدراسات والتجارب التاريخية والنتائج، لو تأملنا في ديننا الإسلامي العظيم لأدركنا أنه سبقها بمئات القرون وهذا مما يدعونا للبحث الجاد والتعمق في فهم القيم الحقيقية للدين، فالعلاقات الاجتماعية الجيدة داخل محيط الأسرة والأقارب أوجب الدين احترامها وحث على إقامتها وبين لنا أن المداومة عليها من أسباب السعادة وطول العمر يقول الحبيب - عليه الصلاة والسلام - (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه). أما العلاقات الاجتماعية الأخرى مثل علاقة الجيران فقد حث عليها الإسلام وأوصى بها يقول - عليه الصلاة والسلام - (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) وأما العلاقات الاجتماعية القائمة على المبادرة وحب العطاء كما أوضحت نتائج الدراسة فقد حث عليها نبينا - عليه الصلاة والسلام - بقوله "أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم"!
كل هذه العلاقات الاجتماعية التي نتجاوزها اليوم مع الأسف بكثير من التجاهل والاستعلاء، هي سر السعادة الحقيقية.
- المال والشهرة والمكانة الاجتماعية والمنصب لن تصنع سعادتك كإنسان ولن تشعرك بأهميتك الحقيقية وتقديرك لذاتك لأنك بمجرد خسارتها ستخسر نفسك إن جعلتها من ركائز سعادتك!
- السعادة تكمن في قدرتك على الحب والعطاء والمبادرة وإقامة العلاقات الاجتماعية وشعورك بوجود الأحبة من حولك ومهارتك في صنع السعادة لنفسك أولا ثم للآخرين ثانيا ودون انتظار مقابل، وتكمن أيضا في إحساسك أنك شخص يغمرك الآخرون بمحبتهم وسؤالهم عنك حين يفتقدونك، فيشعرونك بأهميتك في حياتهم، وأنك لست وحيدا في هذا العالم. المال والشهرة والمنصب قد تشتري لك الرفقة ولكنها لن تستطيع أن يمنحك رفيقا صادقا يغمرك بمشاعره الصادقة!