مشروع القدية .. والسياحة العائلية
السياحة العائلية يقصد بها السياحة التي تستهدف الأسر المحافظة وهي تسمى أيضا السياحة المحافظة أو السياحة الحلال، وهي جزء من منظومة الاقتصاد الإسلامي التطبيقية التي بدأت تحظى باهتمام كبير على مستوى الدول الإسلامية ولعل المراكز التي تعتبر أكثر استفادة من هذا القطاع حاليا هي ماليزيا وتركيا ودبي التي وجدت في مثل هذا القطاع نموا كبيرا وشغفا واهتماما من قبل المجتمعات المسلمة إضافة إلى مجموعة كبيرة من المهتمين عالميا بالسياحة المحافظة التي تستهدف الأسر التي تبحث عن الترفيه في بيئة محافظة.
في خبر لموقع الأسواق العربية أشار فيه إلى تقرير لشركة سلام ستاندرد أظهر أن إنفاق السياح من الدول الإسلامية أضاف نحو 138 مليار دولار للاقتصاد العالمي عام 2015، أما مؤسسة تومسون رويترز، فاعتبرت أن قطاع السياحة الإسلامية، دون تلك المتعلقة بالحج والعمرة، مرشحة للنمو إلى 233 مليار دولار عام 2020 .. حاليا تقتنص الدول الآسيوية وعلى رأسها ماليزيا والدول الأوروبية 87 في المائة من إنفاق السياح من الدول الإسلامية، ويوميا تزداد محاولات هذه الدول للاستفادة من هذه السوق.
الاهتمام بالاقتصاد الإسلامي بأدواته التطبيقية مثل التمويل الإسلامي والصناعة الحلال سواء الطعام أو الملابس إضافة إلى الفن الإسلامي أصبح يحظى باهتمام مجموعة من الدول الإسلامية وسيحظى باهتمام أوروبي في المستقبل القريب لما يتميز به هذا السوق من فرص لوجود شغف لدى شريحة كبيرة من الأسر في العالم تريد الترفيه بأدواته المتطورة في بيئة محافظة ومشروع القدية يمكن أن يكون نموذجا لهذا النمط من السياحة باعتبار أن البيئة العامة في المملكة محافظة بكل أشكالها، كما أن للمملكة ميزة مقارنة بغيرها من دول العالم بوجود الحرمين الشريفين، وأنها مقصد للحج والعمرة وزيارة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما تتميز المملكة بموقعها الجغرافي وسط العالم، كما أن بها ثروة تاريخية لم تحظ باهتمام كاف قد يكون مثل هذه المشاريع سببا في زيادة العناية بها، باعتبار أنها قد تكون سببا في زيادة جيدة لموارد الدولة وتنوعها، كما أن دول الخليج مع زيادة عنايتها بالسياحة العائلية ضمن برنامج دبي للاقتصاد الإسلامي ويتوقع أن يزيد اهتمام بقية دول الخليج بالسياحة العائلية ما سيحقق تكاملا لديها في توفير بيئة جاذبة للسياحة العائلية.
السياحة هي عبارة عن قطاع له أهميته اقتصاديا ويزيد من تنوع مصادر الدخل، كما أن له إيجابيات تتعلق بتحسين البنية التحتية والخدمات وتوفير فرص عمل للمواطنين.
مشاريع ضخمة مثل مشروع القدية من أجل أن يحقق أعلى درجات النجاح من المهم أن تتزامن معه مجموعة من الأمور التي تحقق إضافة كبيرة للاقتصاد ومنها: ألا يعول المشروع وبرامج السياحة في المملكة على المواطن، حيث إن طبيعة الإنسان تميل إلى ما هو جديد ليس نقصا فيما هو متاح في الوطن، ولذلك تجد السائح الأوروبي موجودا في شرق آسيا ودبي وتركيا ومصر والمغرب ليس لأنه لا يجد مواقع سياحية جاذبة في بلاده، ولكن طبيعة البشر البحث والاستمتاع بما هو جديد، إضافة إلى التكامل بين دول الخليج على غرار ما هو موجود في الاتحاد الأوروبي الذي يمكن من يصل إلى واحدة من دول الخليج بغرض السياحة أو الزيارة من التنقل بين بقية الدول، وتسهيل إجراءات الوصول للمملكة وتخفيف تكلفة الحصول على تأشيرة للفترات القصيرة التي غالبا ما تكون بغرض العمرة والسياحة، وأهمية العناية بالخدمات التي تحتاج إليها السياحة، حيث كثير من دول العالم سبقت المملكة في مثل هذه البرامج ومن الممكن الاستفادة من تجاربها لتوفير تكامل في متطلبات وجود سياحة عائلية. هناك قضية ينبغي أن تحظى بعناية خصوصا في بداية العمل على مشاريع سياحية ضخمة وهو أنه لا يزال مجموعة من القوى العاملة الأجنبية تمارس التجارة بصورة غير نظامية من خلال التستر التجاري في قطاعات اقتصادية مثل قطاع التجزئة ما فوت فرص عمل وكسب على القوى العاملة الوطنية وأسهم في ضخامة التحويلات خارج المملكة.
فالخلاصة أن مشروع القدية سيقدم إضافة مميزة لقطاع السياحة العائلية، ومن المهم العناية بالتكامل على مستوى الخدمات السياحية والتكامل بين دول الخليج لتعزيز السياحة العائلية على مستوى المنطقة، وألا تعول المشاريع السياحية على المواطن فقط، بل تكون مركز جذب لكل من يبحث عن سياحة في بيئة محافظة، كما أن البدء بمشاريع سياحية عملاقة من المهم أن يراعي جانب زيادة فرص المواطنين في الكسب ويحد من فرص دخول القوى العاملة الأجنبية لهذا القطاع من خلال التستر التجاري.