انتشار السحر

يتوقع الواحد منا أنه مع انتشار التعليم وارتفاع مستوى الثقافة في هذا العصر ستنحسر الاعتقادات الشاذة والبحث في الطلاسم وما وراء الحقائق والشعوذة، إلا أننا نشاهد مزيدا من الضحايا يقعون في هذا الفك الخطير الذي يفترس كل من يؤمن به ويجعله رهينة  للسحرة وضحية للمشعوذين والأفاقين.
لعل انتشار هذا الأمر عالميا هو ما يجعلنا نتساءل عن السبب الحقيقي وراء بقاء هذه المؤثرات في حضارات يفترض أن تكون سليمة وخالصة من تأثيره. المفاجأة أنك تجد الكثير من السياسيين وأصحاب الشهادات العليا والتجار يستخدمون الشعوذة ويعتقدون بنجاحها في حمايتهم أو تدمير أعدائهم حسب ما تكون الحالة.
انتشرت في وقت سابق عندما وقع التسونامي في دول شرق آسيا الكثير من الشائعات عن شفاء كثير ممن كانوا معاقين نتيجة أعمال سحرية نفذها فيهم من يعادونهم، في إرادة الشر هذه يعيش كثيرون ويفقدون أجمل معاني الحياة كأسرى للرذيلة والخسة التي يمارسها السحرة والمشعوذون.
مع الفرق الشديد بين العين والحسد إلا أن العين تعطي إشارة إلى أن الكراهية وحب الذات قد يؤديان إلى مخاطر كبرى يمكن أن تطول أول ما تطول الرجل وأهل بيته. العين حق ونرى أثرها كل يوم وقد تكون الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن يضر بها الواحد نفسه وأهل بيته. فما إن يعجب المرء بشيء ولا يذكر اسم الله عليه، يكون قد أدى لخطر يطول ما يملكه أو يحبه.
هي كذلك حالة من الإعجاب الشديد الذي لا يرافقه الكم الكافي من القناعة بأن كل شيء يقع أو يحدث أو يخلق بأمر الله تعالى. وليس أدل على ذلك من صاحب الجنة في سورة الكهف، فهو عندما لم يذكر اسم الله بقول: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله" بلغ حد إصابة جنته بالعين، مع الأخذ بالاعتبار أن البطر وعدم شكر النعمة أسهما في تحول جنته ووقوع غضب الله عليه.
إذا هي الأنانية الإنسانية المفرطة، وقد تكون قلة الإيمان والثقة بالله ما تدفع هؤلاء للبحث عمن يعينهم على الإساءة للآخرين وتمني زوال النعمة عنهم. زوال النعمة الذي لا يفيد من يسأله شيئا سوى البقاء في القاع، بينما الآخرون ينطلقون في فضاءات النجاح والسعادة والمحبة. هنا أترككم لأعود غدا بحول الله بحديث عن التنافس الشريف أو الغبطة.    

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي