دع عنك المؤشر وركز على أسهمك

من خبرتي في التعامل في سوق الأسهم، واجهت كثيرا من المستثمرين في هذه السوق الذين استثمروا فيها من دون خبرة أو علم بكيفية اختيار أسهمهم. وفي الحقيقة دائما أواجه بسؤال بطلب نصائح لشراء الأسهم أو بمعنى آخر طلب توصية، الذي أرى أنه من غير المنصف التوصية لشخص بسهم قد لا يتوافق مع وضعه وكيفية تعامله مع السوق، بحيث ما يصلح لمستثمر قد لا يصلح لمستثمر آخر. هنا سأضع بعض النصائح من خبرات شخصية ومن تجارب من هم أفضل مني في هذا المجال.
أولا: ضع استراتيجية واضحة لاختيار الأسهم تكون بناء على دراسة مالية للشركات ودراسة القطاعات التي تعمل بها وتحديد الأفضل في القطاع المستهدف، هناك كثير من الاستراتيجيات المتداولة لاختيار الأسهم منها ما هو يعتمد على المكررات والتقييمات ومنها ما يعتمد على استهداف شركات يتوقع لها نمو قوي، ومنها ما يستهدف عوائد توزيعات عالية ومنها ما يستهدف شركات يتوقع لها تغيير كبير في أسواقها أو بدء دورة قوية لمنتجاتها وغيرها كثير، لكن الأفضل هو التنويع بينها وإيجاد خلطتك الخاصة منها، وإن كان في بعض الأوقات تتغلب بعض هذه الاستراتيجيات لوقت طويل على البقية من ناحية أداء الشركات التي تنطبق عليها هذه الاستراتيجية كتفوق شركات النمو على كل الأنواع الأخرى من الشركات في فترة خمس سنوات مثلا، لكن من الصعب على المتداول اكتشافها، ولذلك نصيحتي له هي التنويع بين هذه الأنواع من الاستراتيجيات. وتذكر لا تستثمر أبدا في شركة لا تفهم طبيعة نشاطها أو قوائمها.
ثانيا: ابحث عن الإدارة الجيدة فلا يفيد وجود إدارة سيئة في قطاع ممتاز، والأدلة كثيرة في هذا الموضوع، لكن الإدارة الممتازة تجدها تتميز عندما يتعرض القطاع والسوق التي تعمل فيها لمشكلات أو ضعف أو منافسة شرسة، ولعلي هنا أستشهد بواحد من أفضل مديري الصناديق في العالم بيتر لينش الذي يذكر أن واحدة من أهم وسائل اتخاذ القرار لشراء أي شركة هي مقابلة من يديرون الشركة وجها لوجه في مقر عملهم واستكشافهم. طبعا من الصعب عليك فعل الشيء نفسه لكن لا بأس من البحث والتقصي قدر الإمكان.
ثالثا: غالبا لا تعكس حركة السهم في المدى القصير أو المتوسط حقيقة الشركة لكن على المدى الطويل ستكون حركة السهم عكستها وعليه لا بد أن تكون نظرتك بعيدة المدى للسهم.
رابعا: حاول قدر الإمكان التنويع بين القطاعات فمهما كنت مقتنعا بقطاع معين اعمل على توزيع محفظتك بين عدة قطاعات، وتأكد أنها ستعمل على تقليل المخاطر من تركز الاستثمارات في سهم أو قطاع معين مهما يبدو قويا وجذابا، وهنا أستشهد بأحد الأصدقاء اتخذ قرارا كان يبدو في وقته قرارا جيدا، حيث استثمر جميع ما في محفظته في سهم كان يعتبر الأفضل في السوق وذا عوائد عالية ونمو وكان ذلك عام 2014 والشركة كانت "موبايلي" لكن بعدها بأسابيع قليلة انهار السهم بشكل خيالي ليتضح للجميع خداع إدارة الشركة، وبناء عليه أصبحت كل التقييمات خاطئة وعليه حقق صديقي خسائر أكلت أغلب محفظته. لكن تذكر لا تنوع بشكل مبالغ فيه فالاستثمار في الأسهم مثل تربية الأبناء كلما زاد عددهم صعبت متابعتهم.
خامسا: تذكر دائما أن الوقت من أهم عوامل النجاح في السوق وذلك من عدة نواح، في توقيت الشراء وتوقيت البيع، ونصيحتي لك تعلم التحكم في مشاعرك وانفعالاتك لتتغلب على الوقت وللتوضيح أكثر، قابلت كثيرا من المتداولين ممن اقتنع بالاستثمار في شركة ما بسبب أن الشركة ستحقق نموا قويا خلال السنوات الثلاث المقبلة وعليه فهو اقتنع بالاستثمار فيها والصبر عليها لمدة ثلاث سنوات لكن أفاجأ بعد أسبوع واحد وبعض الأحيان أقل من ذلك ببيعه هذا السهم بسبب أن السوق غير مريحة حسب تعبيره، وأن السوق ستصحح وهذا في نظري أكبر سبب لفشل المستثمرين في سوق الأسهم، ولذلك أكرر تحكم في مشاعرك وأبعدها عن قراراتك في السوق، وتذكر أن أفضل الاستثمارات تمت خلال أسوأ ظروف السوق.
سادسا: تقبل مبدأ تقلب الأسواق وعدم استقرارها خصوصا في الأسواق الناشئة مثل سوقنا. إن الأسواق المالية بطبيعتها متقلبة، بل في بعض الأحيان شديدة التقلب فقد تشتري سهما اليوم لتفاجأ بنزوله بشدة في الغد وهو ما يستفز الأعصاب ويتلاعب بمشاعر المتداولين، لكن لتعلم أن هذه الحركات طبيعية وتحدث باستمرار، وفي النهاية السهم يصحح نفسه بنفسه وتضع السوق سعرها في التقييم المناسب، ونصيحتي لا تقلق من تقلب الأسعار إذا كانت من عوامل خارجية بسبب حركة السوق ككل، ولكن اقلق إذا كانت بسبب أخبار غير جيدة عن شركتك فعليك إعادة دراستها في ذلك الوقت.
سابعا: يقع كثيرون في هذا الخطأ وهو متابعتهم لمؤشر السوق أكثر من شركتهم، ما يعطيهم تصورا خاطئا عما يحدث، وبالتالي قد يؤثر في قرارهم الاستثماري في شركاتهم، ولتعلم أخي القارئ أن شركتك هي التي تربحك وتخسرك وليس المؤشر فهو لن يفيد عند نزوله أو صعوده والشواهد كثيرة على ذلك؛ فكثير من الشركات حقق أرباحا كبيرة، بينما مؤشر السوق متراجع بحدة للمدة نفسها والعكس صحيح. لذلك نصيحتي الأخيرة دع عنك متابعة المؤشر وركز على أسهمك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي