لا تقارن أبدا...

في رسالة لطيفة وصلتني عبر بريدي الإلكتروني، ويبدو أن صاحبتها كانت تمر بحالة غضب وهي تكتبها تقول:
(أستاذة سلوى، يبدو إن الدنيا تمشي بالمقلوب، فالزوجة الطيبة المتفانية في خدمة زوجها وأولادها والقائمة بكل واجباتها الزوجية والأسرية لا تلقى منه الاهتمام المطلوب أو حتى أدنى درجاته، والزوجة المهملة بواجباتها أو مثل ما يقولون "الرفلة"، تلاقين زوجها خاتم في إصبعها فأين مكمن الخلل؟ هل في الرجل نفسه أو في سذاجة وطيبة الزوجة؟ أرشديني!)
في كثير من الأحيان نجهل كيفية سير الأمور في هذه الحياة فنرى أشخاصا متفانين رائعين وكيف تسير الظروف ضدهم رغم اجتهادهم ومدى الإحباط الذي يتسلل إلى قلوبهم، وفي المقابل نرى أشخاصا لا يبذلون أي جهد وأنانيين وكيف تكون جميع ظروف الحياة الرائعة بجانبهم وتمنحهم جوائز مميزة لا يستحقونها، حسب اعتقادنا نحن طبعا!
صاحبة الرسالة في حيرة من أمرها وهي تراقب كل تناقضات الحياة وتتمنى لو تعرف طريقا تسلكه لتحظى بما تستحقه مقابل تفانيها وجهدها، ولكنها في الوقت نفسه تشعر بالحسرة والألم وهي تشاهد من يفوز بما لا يستحقه، حسب اعتقادها هي طبعا!
المسألة ببساطة تكمن في تقييمنا الخاطئ لما لا نعرفه ما يدفعنا للحكم على الظاهر فقط، ولذلك يشعر الكثيرون، ومنهم هذه الزوجة المتفانية، بالإحباط وتدريجيا يتحول الأمر لديهم إلى غضب وتذمر وتركيز على سلبيات حياتهم وعدم استشعار ما لديهم من نعم عديدة، ويتجاوزون ذلك إلى النقمة على الآخرين الذين يفوزون بما لا يستحقونه!
ولو كشفت الأمور لصاحبة هذه الرسالة لأدركت أن هذه "الرفلة" كما أسمتها تعيش تعاسة لا مثيل لها وتتمنى أن تحظى بحياة مثل حياتها، وربما أن سبب "رفالتها" إحباط عاشته مع زوج لا يشعرها بوجودها فذبل كل إحساس بداخلها وانطفأ كل دافع في أعماق ذاتها يدفعها نحو بذل مزيد من الجهد!
ــــ إشكاليتنا أننا نحكم على الآخرين ظاهريا بينما هم ربما يعيشون أحداث حياة تعيسة خلف الكواليس المغلقة، والإشكالية الكبرى أننا حين نتعثر في طريق ما نبدأ في التقاط الحجارة لا لنبني منها جسرا نحو طريق أفضل بل لنرجم تلك البيوت المتهالكة لأن ذلك يمنحنا شعورا مزيفا بأننا ضحايا ومن حقنا ذلك!
ــــ نصيحتي لها توقفي عن المقارنة وابحثي عن الخلل في حياتك.. وستنجحين!

وخزة
يقول أنطوني دانجيلو (إذا كان لديك ما يكفي من وقت للتذمر والشكوى، فإن لديك ما يكفي من الوقت لفعل أي شيء حياله).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي