تفاعل «نزاهة»
أسعدني تجاوب مسؤولي "نزاهة" بعد قراءة المقالين اللذين خصصتهما للإحصائية التي نشرتها الهيئة. ترصد الإحصائية آراء مجموعة من الناس كعينة "عشوائية" لأسباب الفساد، وقد طالبت في مقالي الهيئة وأطالب دائما كل الجهات التي تعمل في الشأن العام بأن تعزز شفافيتها وتواجه المشكلات الحقيقية، وغالبا تكون الإحصائيات واحدة من أهم وسائل السبر والتعرف التي تعتمد على الأرقام.
كما أن الأرقام خادعة، فإنها لا بد أن تعامل بحساسية تجعل الاستفادة من النتائج هي الهدف وليس أي هدف آخر. أجلس في كثير من الحالات مع أناس يرغبون في أن تُترجِم الأرقام رؤاهم، بل إن هناك من يستطيعون أن يفبركوا الأرقام لتخدم مصالحهم وهي حالة شائعة، ولهذا كان لزاما على الجميع أن يكون السؤال دقيقا وله هدف واضح من البداية، حتى لا تكون الأرقام مجرد أدوات لتغيير الصورة أو إبعادها عن الواقع.
نقطة مهمة وقعت في نتائج استخدمها كثير من الشركات، حيث حورت المعلومات وأضيفت الأرقام وفصِّلت الجداول بما يحقق نتيجة معينة لا تمثل الواقع وإنما تمثل جزءا بسيطا من منظومة الواقع الذي يصبح في النهاية الضحية الحقيقية للإحصائية.
ذكرت هنا في سياق شكري للهيئة على تجاوبها، وفي بالي أنها وعدت أن تتعامل مع فئات جديدة ممن يكونون ضحايا أو محققين في قضايا الفساد. لا بد أن أذكِّر الجميع أن الإحصائيات التي تسهم في نجاح العمل تكون مبنية على عمل مضن وإعداد خبير للتأكد من أن الهدف من وراء الإحصائيات معلوم، وأن ما يمكن أن ينتج عن الإحصائية قد يكون مخالفا لتوقعاتنا أو مثبطا لعزيمتنا، وقد يكون هذا المطلوب.
النتيجة التي تخالف التوقعات تدل على أن هناك إشكالات لا بد من التعامل معها لتصحيح الوضع عن طريق الشفافية التي تسمح للمسؤول برؤية الحقائق على طبيعتها خارج إطار التبريرات والتفسيرات التي يمكن أن يُغيِّب بها الخبراء والمستشارون قدرة المسؤول على التفاعل مع الواقع.
إذا لا بد من البناء على الإحصائيات والتعامل معها بكل القبول ووضع الأسئلة الصعبة وتوجيهها لأصحاب العلاقة وتحفيز التجاوب الصريح لنحصل على معلومات يمكن البناء عليها.
ختاما، أشكر نزاهة لاهتمامها وأشجع حماس مسؤوليها، وأدعوهم لمواجهة الحقائق وبقوة ليصلوا إلى نتائج يمكن أن تنفع المجتمع.