القيادات الشابة .. وحاجة العصر

في الحوار الذي أجرته قناة العربية مع ولي ولي العهد عن "رؤية المملكة 2030"، وفيما يخص تطوير الموارد البشرية السعودية؟، أجاب حينها عراب "رؤية المملكة" المستقبلية بقوله "... لدينا عقليات سعودية مبهرة ورائعة جدا ومشرفة. خاصة في جيل الشباب. طاقة قوية، شجاعة، ثقافة عالية، احترافية جيدة وقوية جدا، باق فقط العمل. نعمل لصناعة السعودية التي نريدها في المستقبل".
هذه العبارات محفزة جدا لجيل الشباب، وتعطي انطباعا إيجابيا باهتمام الدولة بالطاقات الشابة وتأثيرها في صناعة الرؤية وتنفيذها بما يتواءم مع حياة الشباب واهتماماتهم. في الواقع أن النظر لممارسات القيادة في كثير من الدول النامية، تعطي انطباعا سلبيا عن استغلال هذه المواقع من أجل تحقيق أهداف فئة ضئيلة على حساب أغلبية ساحقة.
وهنا أتحدث عن دور القيادات الشابة في دعم المؤسسات العامة والخاصة ومؤسسات القطاع الخيري. وكيف يؤثر عامل السن في جودة أداء العمل في تلك المؤسسات والمنشآت. ركزت وثيقة الرؤية على تطوير القيادات الشابة، من خلال إيمانها بأن الشباب هم المحرك الرئيس لمستقبل الأمة ويجب أن يكونوا مساهمين بفاعلية في صناعة المستقبل.
في نقاش دار مع أحد منتسبي العمل الخيري من الشباب، اكتشفت أن أحد أهم الأسباب في تعطيل العمل، ونمطيته، هو مستوى التفكير الذي يتبناه المدير. وفي موضوع آخر كنت طرفا فيه في إحدى المؤسسات الرسمية، وجدت أن تعنت ورفض المدير المباشر لذلك الفرع لم يكن إلا بسبب مستوى التفكير وما اعتاد عليه، وغير ذلك من الأمثلة الكثير التي توضح أن عصر الشباب الذي نعيش فيه الآن، يجب أن يدار بأيدي وأفكار الشباب بعيدا عما اعتاد عليه السابقون، وهذه سنة الله في الخلق.
متطلبات هذا العصر ووسائل التعامل معها تختلف جذريا عن متطلبات العقود السابقة. وهذا الأمر جلي من خلال الجلوس مع الأشخاص الذين من جيل الشباب أو من الأجيال التي سبقتهم عمريا. الاهتمامات تختلف، أدوات التقييم والتحليل واتخاذ القرار أحيانا تختلف، أيضا أدوات التنفيذ تغيرت لمصلحة التقنيات الحديثة.
أحسن كثير من دول العالم التي تُسابق للفوز بمقاعد أمامية في قطار التقدم والحضارة، بمنح الشباب مساحة من الحرية والثقة للإبداع والتطوير والقيادة. وستظل تلك الدول التي تقصي شبابها عن صناعة المستقبل رهينة لرؤى وأفكار جيل غير قابلة للتطبيق في أجيال أخرى.
بالمقابل فإن صناعة قادة المستقبل تعني أن نتعامل سريعا مع احتياجاتنا الحالية، وتهيئة قادة للفترة الحالية أيضا، وليس التركيز على قيادات قد يُستفاد منها بعد عقد من الآن.
كثير من التعطيل والتسويف الذي يعانيه القطاع الخيري، وقبل ذلك القطاع الحكومي ناتج من اختلاف الرؤى والاهتمامات، وطريقة التفكير في تنفيذ وتطبيق الحلول للمشكلات الحالية. حتى لا يتوقف الإبداع يجب أن تعطى القيادة لجيل الشباب بتدرج يسمح بالتعامل مع القضايا والاحتياجات وفق رؤية الشباب أنفسهم.
في كانون الثاني (يناير) من هذا العام أعلنت الأمم المتحدة 17 هدفا لتحقيق الاستدامة والتنمية، وفي هذا الشهر ستعلن أيضا الفصل الأول للقادة الشباب لتحقيق هذه الأهداف. ستركز هذه المبادرة في اكتشاف القيادات الشابة للمساعدة على إنهاء الفقر، ومكافحة تغير المناخ والحد من عدم المساواة.
أتمنى أن نرى مبادرات آنية للتعامل مع احتياجات القطاعات الحكومية والخاصة والخيرية من أجل تفعيل دور الشباب، جميع الشباب في صنع وتطوير المستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي