موسم الحج

تعيش المملكة حالة استنفار لجميع الأجهزة الحكومية وقطاعات الخدمة المسؤولة عن خدمة الحاج. الواقع أن المملكة تعتبر هذا الموسم أهم أوقات السنة وتسخر كل الإمكانات في سبيل تيسير الحج ومنح الحاج الفرصة لاستشعار القدسية وتنفيذ المناسك بكل يسر وسهولة.
يأتي موسم هذا العام ونحن نعيش الكثير من الاختلافات والتجاذب بين كثير من الدول الإسلامية, ومع أهمية الحج الدينية للأفراد, فإنه يجب أن يرسم للمسلمين في كل بقاع الأرض الطريق نحو الوحدة الإسلامية التي يمثلها هذا التدفق الهائل للناس من كل لون وعمر وأرض في خضوع وخشوع ورغبة في ضمان القبول ويدعم ديمومة هذا الدين وانتشاره كجامع لكل القلوب.
إن توحيد كل مقاصد وألفاظ وملابس الحجيج, تعني ضرورة توحيد الفكر والعمل الإسلامي مهما اختلفنا في الرؤى أو المواقع. هذا الدين هو الجامع الأهم الذي يجب أن نلتزم به ونتمسك بأهدابه. إن الدعوات التي تأتي من هنا وهناك للتقليل من شأن الإسلام والمسلمين أو إعلان الحرب على مذهب أو طائفة ليست من الحق في شيء.
الاهتمام العام في هذا العالم المتفاوت المناظير والمفاهيم يجب أن ينطلق من احترام الجميع للجميع, وتبيان وجهة النظر بأدب وانضباط خلقي لينطبق علينا قوله تعالى "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن". هذا الحوار الحضاري هو أهم عناصر البقاء للمسلمين في عالم يقبعون فيه في موقع لا يناسب مبادئ ومفاهيم دينهم العظيم.
أكاد أجزم أن ما نعيشه من تخلف, وما نقع تحت تأثيره من مؤامرات, وما نشاهده من تسارع للحروب التي تأكل الأخضر واليابس, هو نتاج اختلافنا ومحاولة كل واحد منا أن يفرض رأيه بالقوة على غيره.
يمكن أن يتأكد من هذا الواحد وهو ينظر للوراء عندما كانت الخلافات لا تتعدى الحوار والنقاش بين كبار العلماء, حينها كانت الحياة أكثر سهولة وتجاور الجميع وتعايشوا بكل احترام وتقدير وسلمية في الأحياء والمدن نفسها التي تشهد اليوم تفريغا, وتغييرا ديموغرافيا أبطاله أعداء وحدة الأمة الإسلامية.
إن تجاوز الحدود في محاولة تأزيم العلاقات بين المسلمين البسطاء واستغلال الموسم لتعزيز هذا التأزيم, أمر في غاية الخطورة لأنه يلغي مفهوم الحج الذي يأتي إليه كل الناس "ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي