آفاق جديدة للعلاقات السعودية ـــ اليابانية

المحطة اليابانية لولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التي تمت بناء على توجيه مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ليست عابرة، وذلك نظرا لعمق العلاقات بين الرياض وطوكيو الممتدة على مدى عقود من الزمن. بمعنى آخر، هناك علاقات تاريخية بين الجانبين أشار إليها نوريهيرو أوكودا سفير اليابان لدى المملكة في معرض تناوله أهمية زيارة الأمير محمد بن سلمان لبلاده، ضمن الإطار العام للجولة التي يقوم بها الأمير لعدد من بلدان المنطقة الآسيوية. على هذا الأساس، فزيارة اليابان هي دعم جديد آخر لهذه العلاقات، في ضوء التطورات المتلاحقة محليا وإقليميا وعالميا. فالعلاقات الجامدة (وإن كانت قوية) لا بد من أن تتفاعل مع المستجدات والتطورات، وأحيانا المتغيرات، وهنا تكمن استراتيجية العلاقات.
على الصعيد المحلي، تمضي السعودية في تنفيذ "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها، الأمر الذي يستدعي تطوير العلاقات مع كل الجهات في العالم، ولا سيما تلك التي تتناغم مع المصالح الوطنية السعودية في مختلف الميادين. و"الرؤية" تبني اقتصادا سعوديا جديدا، وتفتح الباب أمام حراك استثماري تنموي جديد لمن ترغب من المؤسسات العالمية وفي مقدمتها اليابانية، في حين أن المؤسسات اليابانية أبدت حماسا كبيرا لكي يكون لها دور في المشاريع المنبثقة عن "الرؤية" وبرنامج التحول، نظرا لما فيهما من فرص مغرية. بل بدأت هذه المؤسسات عقد تفاهمات واتفاقيات في هذا السياق، مستفيدة من التشريعات السعودية الجديدة المرنة، وتنوع القطاعات التي يمكن أن تكون لها حصة في استثماراتها.
وباستعراض الوفد الكبير عالي المستوى المرافق للأمير محمد بن سلمان، تبدو الصورة واضحة على صعيد الشراكات الاستثمارية والتنموية السعودية ـــ اليابانية، حيث تشمل كل القطاعات تقريبا من النفط إلى السياحة والترفيه والتصنيع والخدمات والنقل وغير ذلك. وستعجل الزيارة المهمة الحراك الاقتصادي الياباني نحو المملكة والحراك المقابل له من جانب السعودية، خصوصا مع وجود مشاريع محددة جاهزة للانطلاق نحو آفاق التنفيذ. وكان السفير الياباني لدى الرياض واضحا تماما حين أعلن أن بلاده حريصة على أن يكون لها دور في تنفيذ "الرؤية" الطموحة للمملكة. مثل هذا التوجه، يشجع كل من ترغب من المؤسسات اليابانية على التقدم في ميدان التنمية الهائل الذي يتسع يوما بعد يوم في المملكة.
إلى جانب الأهمية الاقتصادية لزيارة ولي ولي العهد، هناك الجانب السياسي الذي يعتبر محوريا بين البلدين، مع التأكيد على أن التعاون في هذا المجال كان دائما متسارعا ويستند إلى تفاهمات عديدة تصل في كثير من القضايا إلى حد التطابق. وتدعيم آفاق التعاون السياسي بين البلدين، هو في الواقع أمر أساسي نظرا لوجود السعودية واليابان في قلب مجموعة العشرين التي أخذت منذ سنوات زمام المبادرة العالمية، في أعقاب سلسلة من الانكسارات السياسية والاقتصادية على الساحة الدولية، إلى جانب (طبعا) عدم وضوح الرؤية عند بعض البلدان التي تمثل محورا عالميا أيضا. فالمشاريع المشتركة بين البلدين تشمل الاقتصاد والسياسة في وقت يمكن وصفه بأنه الأكثر حساسية منذ انتهاء الحرب الباردة.
تمثل زيارة ولي ولي العهد لليابان نقطة انطلاق أخرى جديدة نحو آفاق لا تختص بالطرفين فحسب، بل ترتبط بالساحة الدولية أيضا. إنها زيارة ضمن جولة بدأت نتائجها الإيجابية بالظهور من الآن، وستتعزز هذه النتائج أكثر في المرحلة القصيرة المقبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي