الوطن قوي .. شعب متلاحم ومتضامن فوق أرض السماحة

بعد أن من الله علينا بصيام شهر رمضان المبارك وأتم الله علينا قيام لياليه الفضيلة يأتي العيد ليكون ختاما لهذا الشهر الكريم الذي هو ركن من أركان الإسلام فيه يشعر المسلمون بالجوع والعطش وهو إحساس يحرك المشاعر ويدرب المسلم على الصبر وشكر النعم وتقديم العطاء والخير لمن يستحق ممن أوجب الله علينا الوقوف معهم في السراء والضراء والاعتراف بحقهم على الموسرين، وفي هذا الشهر الكريم من العبر والدروس ما يضيف إلى خلق المسلم ليكون أقرب إلى الخير والبذل والعطاء.
لقد رحل شهر رمضان المبارك وقد استقبلت فيه بلاد الحرمين الشريفين المعتمرين والزوار من جميع أنحاء العالم الإسلامي، ونجحت ولله الحمد والمنة سائر الخدمات والمرافق العامة والخاصة في القيام بواجبها تجاه ضيوف بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف، ولأن هناك خطوات إنشائية سريعة تمت في مشروع توسعة المسجد الحرام وتأهيل المناطق المحيطة به فقد أسهم ذلك في استيعاب أكبر عدد من ضيوف الرحمن في هذا العام.
إنه عيد الفطر المبارك، عيد الوطن، عيد أهله والمقيمين فيه والمسلمين معهم في أرجاء المعمورة، بقدر ما يأخذهم إلى ساحات الطفولة والبراءة والعفوية والمحبة، يأخذهم أيضا إلى ما يشكل رمزية ما هم عليه من حداثة الحضارة اليوم وما كان عليه الآباء والأجداد في عناق التراث مع المدنية، لذلك تسعى أمانات المدن وبلديات القرى وبعض جهاتها الرسمية ومؤسساتها الخاصة إلى استحضار هذه الرمزية التراثية تعميقا وتواصلا مع حاضر باهر ، وكلاهما عزيز، وعلى سبيل المثال تقوم أمانة منطقة الرياض بالإعداد في هذا العيد لإحياء أنشطة شعبية وفنية وثقافية وترويحية تمثل تجليات أحاسيس وقرائح أبناء المنطقة وتجعل من أيام العيد كرنفالا يجد الكبار فيه والصغار ما هو ماتع ومسل، كما تقوم مناطق المملكة المختلفة بمثل ذلك في ساحاتها الشعبية وأسواقها وأنديتها وملاعبها وفي أحيائها أيضا.
نعم العيد.. يحفزنا على أن نُبقي جذوته في أعماقنا وقادة ونستمد القدرة الدائمة على التفاؤل لكي نهزم أسباب الفرقة، فلا تترك لصروف الدهر أن تحد من إقبالنا على الحياة بالعمل والإنتاج، بالتعاون والتكافل، بالمُضي في كل الدروب التي تقودنا إلى أن نجعل من أنفسنا طاقات لا تنفد من العطاء وعزائم لا تلين أمام كل ما يعترض مسيرتنا التنموية في جميع قطاعاتها ومناطقها لكي تستديم مشاريعنا وبرامجنا، قاطعة شأوها من إنجاز مبهر إلى ما هو أكثر إبهارا، من قدرة نوعية على الخلق والإبداع إلى تجوهر أبعد مدى يأخذ بقوانا الوطنية إلى الصدارة للمنافسة النوعية ويأخذ بتنميتنا إلى طليعة عوالم الرقي والتقدم.
على هذا النحو ينبغي أن يكون معنى العيد فينا، نكون ترجمان حوافزه.. تشييدا، بناء عملا وإنتاجا.. مواطنون يقفون وراء كل ذلك متلاحمين فوق أرض السماحة وتحت مظلة الوداد، فاعلين منفعلين بالانتماء والولاء له مثلما هم لبعضهم بعضا، يعانقون صروحا للعلم والمعرفة، يثرونها بالتفاني والإخلاص لإدامة حداثتها ببذل السواعد والعقول جيلا فجيل، في ظل رعاية كريمة من قيادة سديدة من لدن خادم الحرمين الشريفين راعي هذه المسيرة المباركة وحكومته الرشيدة، حيث التلاحم بين القيادة والشعب سمة هذا البلد الأمين، فإذا القلوب مشرقة فتهتف الأفواه ولا تكل الأيدي من التلويح، تقول للوطن وللقيادة ولبعضها بعضا: كل عام وأنتم بخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي