Author

أوصيكم «بالشباب» يا مجلس الشورى

|
إذا كانت الأرقام تقول إن معدل البطالة بين السعوديين يصل إلى 11.5 في المائة فلك أن تتخيل عزيزي القارئ حين تسير مثلا في مكان عام فإن 11.5 في المائة من الأشخاص القادرين على العمل من حولك هم عاطلون عن العمل! هذه النسبة سترافقك أيضا معك في محيطك أينما وليت وجهك في مدينتك، الحي الذي تقطن فيه، الشارع الذي تسير فيه، وكل مكان ترتاده. في الواقع أيا كان تصورك لمدى السوء الذي تخلفه البطالة على المستوى الفردي والأمن والاستقرار الاجتماعي والتقدم الاقتصادي، إلا أنها تبدو رومانسية أمام حقيقة إضرار البطالة بمستقبل التنمية العالمي، والتي حذرت منظمة العمل الدولية في تقريرها لعام 2010 من خطورتها التي تترافق مع ظهور ما أطلقت عليه: "الجيل الضائع" من الشباب المحبطين والعاجزين عن عمل لائق! قبل أيام رفض مجلس الشورى السعودي مقترح مشروع مكافحة البطالة بعد مرور نحو ست سنوات من الدراسة! بدعوى أن مشكلة البطالة لا تحتاج لنظام واحد يضع حلا شاملا بل مجموعة من الأنظمة والسياسات الفاعلة، مع طرح عدة استراتيجيات لمعالجة القضية. هذه السنوات كانت كافية لـ "وضع وتنفيذ" خطط تنموية مبنية على دراسات واسعة للاستثمار في القوى البشرية ومواجهة البطالة، بل إن العامين الأخيرين من هذه السنوات كانت أكثر من كافية لإيقاف ما أفسدته سنوات "طفرة السيولة المادية"، وخاصة أن المجتمع لا يملك ترف انتظار دراسات تستمر عدة سنوات من "التمحيص" وربما "التخبيص"! ما يجب النظر إليه هو أننا على مرمى عام ونصف من 2018 حيث من المتوقع وصول معدلات البطالة العالمية بين الشباب إلى 13 في المائة، وفي ظل "كوابيس البحث عن عمل" التي تحيط بـ "وسادة أحلام" الشباب الذين يشكلون نسبة 67 في المائة من سكان المملكة، تعد قضية البطالة التحدي الأساسي لصانع القرار الذي يواجه الوقت هنا كخصم لدود لمعالجة المعضلة من جذورها على مستوى التعليم والتأهيل وسياسات العمل والاستثمار والإصلاح في أكثر من قطاع حيوي. في السابق كان مختصو الاقتصاد يقيسون النشاط الاقتصادي لأي دولة دون النظر إلى البطالة كواحد من أهم عوامل الخلل، وتوضع السياسات الاقتصادية لرفع معدلات النمو وليس للقضاء على البطالة، إلا أن الأزمات الاقتصادية العالمية، وجهت بوصلة الاهتمام نحو أرقام البطالة كواحد من المؤشرات المهمة لقياس ورفع معدل النمو الاقتصادي، أي أن طول مدة معالجة القضية يشكل عبئا إضافيا على كاهل حاضر ومستقبل التنمية لأي دولة. صدقا: "التحول الاقتصادي" قد يكون ضوءا في آخر النفق، ما يجعل السؤال الاستفهامي يبحث عن إجابة واضحة من صانع القرار: هل هناك أمل للشباب في عمل، أو عمل لأمل؟
إنشرها