الاستشارة القانونية محور نجاح المشروع التجاري
قبل التفكير في الدخول في أي مشروع تجاري؛ يجب وضع دراسة جدوى المشروع من الناحية الاقتصادية، ولكن ماذا عن الناحية القانونية؟
الحقيقة أنه كثيرا ما يتم إهمال هذا الجانب من بعض المستثمرين، خصوصا لدى المنشآت الصغيرة والمتوسطة وقطاع الأفراد، على الرغم من الأهمية القصوى له، وكونه محورا أساسيا في تقييم المشروع ومدى جدواه ومعرفة مكامن المخاطرة فيه، خصوصا عندما يختلط المشروع بجانب أجنبي أو حقوق ملكية أو وكالات تجارية أو نقل تقنية ولو كانت بسيطة.
هناك مشكلة تتكرر كثيرا لدينا؛ وهي الخلافات التي تقع بين الشركاء سواء كانت بين أفراد أو أشخاص معنوية، وأتمنى أن تلتفت وزارة التجارة إلى هذه الظاهرة وتبحث عن حلول للمشاكل القانونية المتكررة، التي تنشأ بين الشركاء سواء في الشركات الوطنية، أو بين الشركات الوطنية والشركات الأجنبية، وغيرها من المشاكل التي تتسبب في الكثير من الخسائر والتعثر، التي تنشأ أساسا من ضعف الاستشارة القانونية المسبقة للتعاقد أو الشراكة، وأتمنى أن تقوم بدراسة تقديرية لحجم هذه الخسائر وأثرها في الاقتصاد الوطني.
اعتدت كثيرا على مشاهدة تعاقدات ضخمة من حيث القيمة، مع اتفاقيات لا يجوز حتى تسميتها اتفاقيات بسبب ضعف أو أحيانا انعدام الاستشارة القانونية المسبقة للتعاقد! خصوصا في قطاع العقار كون كثير من ممارسيه هم من الأفراد وليس القطاع المؤسسي المنظم. وهناك كم هائل من التعاقدات التي تقع بين رجال الأعمال دون أن تكون مبنية على أساس قانوني صحيح، وأحيانا تكون مشتملة على اشتراطات أساسية بين الأطراف، إلا أن هذه الاشتراطات باطلة قانونا، وأحيانا قد يعاقب النظام عليها، بينما قد تكون محور جدوى المشروع لدى صاحبه! ولا يعلم هذه النتيجة.
الحقيقة أن الحاجة إلى الاستشارة القانونية تجب بدءا من تأسيس الشركة وصياغة عقد التأسيس أو النظام الأساسي للشركات المساهمة، مرورا بالتعاقدات والتفاهمات السابقة لتأسيس الكيان القانوني، فالشراكات كثيرا ما يختلف الشركاء ويعلقون بينهم عندما يريدون التخارج، والحقيقة أن السبب هو سوء التأسيس لتلك الشراكة وليست المشكلة في الشراكة نفسها! بل هي أحد أهم عوامل النجاح والثراء، فالاستشارة القانونية لصياغة الاتفاقيات بشكل صحيح، وسد الفراغات التي قد تفتح بابا للخلاف مستقبلا، وهيكلة الاتفاقيات والشراكات بشكل مهني متقن تعد حاجة مُلحة وضرورية، وأتمنى أن تناقَش بشكل جدي في وزارة التجارة، ولها حلول دولية كثيرة لتخفيف هذه الأضرار ليس هذا وقت نقاشها.