ديربي الحقيقة

تقول الرواية المتداولة، غير الموثقة في المراجع التاريخية، إن رجلا ثريا يقطن مدينة ديربي المشهورة بصناعة السيارات في وسط إنجلترا، نَظّم سباقا للخيول بين أثرياء المدينة في القرن السابع عشر، علت شهرة السباق في أوساط بريطانيا ممتدة إلى أوروبا كلها، فأصبحت مفردة “ديربي” عنوانا لأي منافسة يخوضها متنافسان من مدينة واحدة.
..في كرة القدم، تسللت مفردة “ديربي”، قادمة من ميادين الفروسية، وتختلف الروايات حول أول ديربي في العالم، البعض يذكر أنه جمع بين نوتنغهام فوريست وجاره نوتس كاونتي، وآخرون يقولون إنه جمع بين فريقين ينتميان لقرية ديربي بيشير الإنجليزية.
ديربيات كثيرة في العالم، اشتعلت فترة وانطفأت بسبب ضعف واحد من طرفيه ومروره بفترة أشبه بالغيبوبة، ولعل أشهر الديربيات تلك، ديربي الغضب الألماني الذي يجمع شالكه وبروسيا دورتموند، ورغم وجود الفريقين في مدينتين مختلفتين، تبعدان أقل من 12 كيلومترا عن بعضهما ويفصلهما نهر الرور، إلا أنه كان الديربي الأشهر في العالم لأسباب سياسية واجتماعية، أهمها أن شالكه كان الفريق المفضل للزعيم النازي أدولف هتلر، وحينما اختفى عن الأرض، احتاج فريقه الأزرق إلى زمن طويل ليعود إلى الحياة ويشعل المواجهة الثنائية من جديد، ومن هذا الديربي نفسه عرف العالم لأول مرة مصطلح ديربي الغضب.
في عام 2013، نشر موقع عالمي، أهم 100 ديربي في العالم، ولم يكن بينها إلا ديربيان عربيان، الأول كان ديربي القاهرة بين الغريمين الأهلي والزمالك، وجاء في المرتبة الثامنة عالميا، بينما جاء ديربي الدار البيضاء المغربي بين القطبين الوداد والرجاء في المرتبة السادسة والعشرين، واعتمد الموقع على معايير الإثارة الكروية، والاهتمام والحضور الجماهيري، إضافة إلى الصراعات الفكرية والسياسية والاجتماعية والتاريخية التي تشعل بعض الديربيات، كما هو الحال في مواجهة روما المسماة ديربي اليمين واليسار.
ويعتقد كثيرون أن ديربي ميلان بين قطبيها هو الأقوى عالميا وفق المعايير السابقة، إلا أن المفاجأة، تذهب إلى تصنيف ديربي العاصمة الأرجنتينية بين عملاقيها بوكا جونيورز وريفر بليت في الصدارة، وهو ديربي تتوقف فيه الحياة تماما يوما كاملا في بيونس آيرس.
غدا.. نحن أمام الديربي الأقدم في الكرة السعودية، الاتحاد والأهلي، وهي مواجهة لم تتطرق إليها أي تصنيفات تحدثت عن الديربيات العالمية، وأظن ذلك بسبب أنه لقاء تغلفه الحماسة، وندية الجيران أكثر من حضور المتعة الكروية والإثارة الفنية، وغدا أعتقد أننا أمام منعطف حاسم في تاريخ الديربي الأقدم، سيكون كبيرا في كل شيء، حتى في نتيجته، لعوامل نفسية بحتة، وهي العوامل المؤثرة دائما في كل المنافسات المماثلة.
أمام الأهلي، يعود الاتحاد في أبهى صوره دائما، حتى وإن كانت ظروفه وأجواؤه ملبدة بالمشاكل والهموم، وأمام الاتحاد يختلف الأهلي حتى وإن كان في أجمل حلله، غدا سيكون ديربي الحقيقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي