السعودية وفلسطين .. للحكمة موعد
بجولة قصيرة على المواقع الرياضية الفلسطينية، تعرف بوضوح حجم الاحتقان الذي خلفه نقل مباراة فلسطين والسعودية خارج الضفة، في نفوس بعض الكتاب الفلسطينيين الأشقاء. وهو أمر متوقع بعد ما صاحب المباراة من تقاذفات من بعض إعلام البلدين وليس كلهم.
أتفهم حرص أغلب الرياضيين الفلسطينيين على اللعب في الضفة، بعد أن تعبوا كثيرا في انتزاع هذا الحق في كونجرس "فيفا"، الأخير، وبعد صفقة كبيرة مع الإسرائيليين، تم بموجبها سحب مشروع تعليق عضوية إسرائيل في الاتحاد الدولي مقابل الاعتراف الكامل بالرياضة الفلسطينية المستقلة، وحق ممارسة الرياضيين الفلسطينيين اللعب على أرضهم، وهي الصفقة التي ساندها الاتحاد العربي للألعاب الرياضية آنذاك.
..أتفهم أيضا، الموقف السعودي من رفض العبور إلى الضفة تحت غطاء إسرائيلي، وهو موقف سياسي اجتماعي شعبي، قبل أن يكون رياضيا، تفرضه المكانة الخاصة لبلاد الحرمين في كل القضايا الإسلامية. الآن وبعد أن قرر "فيفا"، نقل المباراة خارج الضفة الغربية، وبتوجيه من الحكومة الفلسطينية نفسها التي قدرت اتصال المسؤول السعودي الرفيع الأمير محمد بن سلمان، هل خف الاحتقان؟ وهل هناك دور يجب أن يضطلع به الحكماء قبل صافرة مباراة اليوم في عمّان الأردنية؟
الحقيقة أن السعوديين حصلوا على ما يريدون، ولذلك لم يعد ممكنا القول بوجود احتقان عام في الشارع الرياضي، أما الفلسطينيون فانقسموا على أنفسهم، بعضهم سلم بالأمر، عدا الإدارة الرياضية التي استشاطت غضبا، وتحول الأمر برمته إلى أكثر من مباراة كرة قدم، ولذلك على إدارة المنتخب الأخضر أن تعد فريقها جيدا للتعامل بهدوء مع الاستفزازات المتوقعة، وتغليب الحكمة على الحماسة في التعاطي مع كل الأحداث المرتقبة داخل الملعب وخارجه.
أقترح على الاتحاد السعودي، أن يقدم مبادرات تجاه الجماهير التي ستحضر المباراة تكون بمثابة رسائل حب، تبدد أي محاولات للتفرقة بين رياضيي البلدين الشقيقين، مثلا الدخول بالعلم الفلسطيني، ورمي ورود على المدرجات قبيل الصافرة، إضافة إلى تنبيه اللاعبين الخضر إلى عدم الاستجابة إلى أن أي استفزاز داخل الملعب قد يكون شرارة توقد نارا في النفوس يصعب مع الحدث الجماهيري إخمادها بلا خسائر.
..قبل كل هذا، علينا أن نسأل أنفسنا: ماذا نريد من المباراة؟ بالتأكيد، الأهم ألا نخسر النقاط الثلاث، الحصول على نقطة واحدة سيكون مرضيا، قياسا باللعب خارج الديار وفي أجواء محتقنة وحماسة منتظرة من الفلسطينيين، وإذا نجحنا في الظفر بالنقاط الثلاث فالهدف قد تحقق، لذلك من المهم إدارة المباراة تكتيكا وذهنيا بهدوء، واقتناص ذكي للفرص، وحماية مرمانا بتركيز عال جدا خاصة في الدقائق الأولى التي قد يكتب فيها أي هدف في الشباك سيناريو غير متوقع.
الفلسطينيون أهلنا، وقضيتهم قضيتنا، والرياضة جسر تواصل يمكن استثمارها لزيادة الألفة والمحبة، ونبذ أي محاولات قد تجعل منها أرضا للخصومة والفرقة، وعلى أحمد عيد ونظيره الرجوب، أن يقوما بمسؤوليتهما الكاملة في تحقيق ذلك اليوم، بعد أن بذل كل منهما جهوده في سبيل ما يراه حقا واضحا لبلاده.