النصر والأهلي .. الطريق واحد
في الأهلي والنصر متشابهات كُثر هذا الموسم، ما زال الفريقان يعيشان على أرقامهما المميزة في الموسم الماضي، حتى وهما يشهدان تراجعا في مستوياتهما عما تحقق في موسم مضى. وفي الغريمين المتهادنين طوال التاريخ متشابهات أخرى تتجاوز الموسم الماضي إلى عمق التاريخ الرياضي ذاته. وفي القطبين الكبيرين نار تحت الرماد، قد يشعلها أحدهما غدا إذا ما تغلب على الآخر، وإن تعادلا فالنار ستبقى في رمادها حينا وليس دهرا.
الأهلي والنصر ينتميان للمدرسة الإدارية الأُحادية ذاتها، تتعدد الأسماء، تغيب وتظهر وتتبدل، وتبقى النهايات كلها في يد رجل واحد فقط، يختلف الأخضر عن الأصفر في هذا، أن رجله لا يتفرق الأهلاويون عن خطاه قيد أُنملة، فيما قلة من النصريين ترتفع أصواتهم وتنخفض حول رجلهم الأول تبعا للنتائج والمنافسات.
أما النار الساكنة تحت الرماد في الأهلي، فهي مشاكل مالية ولوجستية وتصرفات طارئة خرقت التقاليد الخضراء، تراكمت منذ منتصف الدور الثاني، أطاحت بالرئيس السابق وجاء رجل جديد، جديد في كل شيء، ربما لا يستمر طويلا إن استمر الحال كما هو. وأما نار النصر المدفونة تحت الرماد فخلافات عاطفية بين ما يمكن تسميته المجلس الأعلى للقيادات الصفراء المستترة خلف ستار المسرح لأسباب شتى، والمجلس التنفيذي الذي يحارب ويهادن، يتقدم المشهد لحظات ويتغيب لحظات بطريقة براجماتية ملفتة.
في الأصفر، كان الحل دائما يأتي من الملعب، إن فاز النصر على فريق كبير، وعاد إلى جادة المنافسة التأمت الجراح، وطابت الخواطر، ومضى الأصفر إلى قمته، محفوفا برجاله بلا تفريق في المواقع، وإن خسر، التهبت الجروح وارتفع الأنين، وساد الصمت الحذر بين المجلسين، وإن لم يخل من مناوشات يبدؤها متربصون. أخضر جدة العتيق، حلوله دائما الصمت، لا يحيد أبدا عن قضاء حوائجه بالكتمان، ولكن الصمت هذه المرة طال، الأجيال تغيرت، والثقافات غزتها مستجدات، فأصبح الصمت حلا من الماضي.
في كل الأندية، الرجال يقودون الأندية، إلا في النصر والأهلي فهما من يقودان رجالهما، معادلة غريبة واضحة، إن أراد الأهلاويون أن يحلوا كل مشاكلهم المدفونة فالنصر على النصر، طريقهم، يرفع المود إلى أعلى درجاته الإيجابية، وكل طلب سيقابل بـ"آمر" وفي النصر، الحال ذاته، كل شيء سيكون رائعا بالفوز على الأهلي، اللاعبون أنفسهم يستطيعون إصدار أمر صرف مرتباتهم المتأخرة من الملعب، وكل مشاكلهم ستجد حلا، وكل ما مضى من جفوة سيكون ماضيا يلقى في هوة سحيقة. بين النصر والأهلي شبه خالد، لم يتغير منذ عقود.