Author

اصطدام عنيف بجدار «السمعة»

|
تبدو تداعيات الأحداث الدراماتيكية التي ارتبطت بفضيحة "فولكس واجن" والتي تعد اقتصاديا وأخلاقيا، بحق فضيحة القرن الـ 21، تماما كآثار حادث اصطدام لسيارة تسير بسرعة 200 كيلومتر في الساعة نتيجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بجسم الشركة. نعم لقد اصطدمت أكبر شركة سيارات في العالم بجدار "السمعة" لتخسر في يومين 30 مليار يورو من قيمتها السوقية، إضافة إلى ما يقارب 18 مليار دولار ستنفقه غرامات عن كل سيارة بيعت في أمريكا، هذا عدا مواجهة الدعوات المحتملة الفردية التي سترفع ضدها، بعد أن اعترفت بتلاعبها ببرمجيات أكثر من 11 مليون سيارة حول العالم بحيث تتخطى اختبار انبعاثات "الكربون" الذي يتسبب في وفاة الآلاف حول العالم سنويا. أستطيع القول إن فضيحة "فولكس واجن" هي الأنموذج الأكثر تكاملا لقوة تأثير الرأي العام على أكبر الشركات العالمية، بدءا من تقريرthe International Council on Clean Transportation، وهي منظمة غير ربحية تقدم تحليلا تقنيا للهيئات التنظيمية البيئية، حول انبعاثات سيارات "فولكس واجن" والذي أخذ في عين الاعتبار من قبل "وكالة حماية البيئة الأمريكية"، وتصعيدها من قبل مؤسسات المجتمع، وناشطون، ووسائل الإعلام إلى أعلى مستوى خلال يومين مسببة كارثة جسيمة ليس على مستوى اسم وسمعة الشركة فحسب بل على مستوى تهديد سمعة الاقتصاد الألماني. حظيت القضية بتفاعل كبير على المستوى الدولي حيث أبدت المفوضية الأوروبية ووزراء في دول الاتحاد الأوروبي الانزعاج وتم الإعلان عن إجراء تحقيقات موسعة حول القضية، فيما علقت الأمم المتحدة على الحادثة بأنها مقلقة للغاية، وهو ما دعا المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إلى التبرؤ فورا وعلانية من أجل الحفاظ على سمعة وهوية ألمانيا التي كانت "فولكس واجن" إحدى مفاخرها، داعية إلى "الشفافية التامة" من قبل الشركة، ووضع الحقائق على الطاولة في أقرب وقت ممكن. يتزامن هذا الحدث مع التوجه الجديد للجهات القضائية الأمريكية في تطبيق أولويات جديدة للقضايا التجارية، وهو معاقبة الأشخاص المسؤولين وكل من له علاقة بالأخطاء في الشركة، وليس فقط إنزال العقوبة على الشركة واستقالة الرئيس التنفيذي. هذا التوجه يعني أنه لن يتحمل المساهمون وحدهم الخسارة، بل سيعاقب المسؤول عنها أيضا. والآن، فإن الخطوة الأهم في رأيي هي تعزيز الشفافية على نطاق أوسع، إذ لابد أن يوضح أصحاب المصالح ووكلاء الشركة، موقفهم وهل هم جزء من المشكلة أم لا؟ ولأي درجة هم ملتزمون؟ الصمت في هذه الحالات يدخلهم دائرة المحاسبة من قبل الرأي العام المتمثل في مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في عديد من البلدان، ومن ضمنها السعودية، حيث من المفترض أن يلعب الإعلام دورا ضاغطا على وكلاء "فولكس واجن" لتحديد موقفهم من هذه القضية والإجابة على الأسئلة التي تعزز الشفافية في كل مفاصل الشركة. ربما أن هذه القضية، هي فرصة مهمة للشركات العالمية في معاودة قراءة استراتيجياتها وأعمالها التشغيلية، ومدى ملاء متها لمعايير "الاستدامة "واستفادة للشركات في أن تقرأ قوة وتسارع الخسائر لشركة كانت قبل يوم واحد من الفضيحة واحدة من أهم العلامات التجارية التي ينظر إليها بدهشة وتنظر هي للمنافسين بكبرياء يصل حد الغرور!
إنشرها