لحظة فارقة (1)
حين كتبت مقالي الأسبوع الماضي بعنوان “فرصة ثانية”، وتحدثت فيه عن أهمية أن يقرر الإنسان ــ بمشيئة الله ــ مسار حياته دون أن يخشى ضياع الفرص، فكل يوم جديد سيعيشه هو بمثابة فرصة يحقق فيها أمرا مفيدا له وللآخرين، فقد تدفق كثير من رسائل القراء على بريدي الإلكتروني، يتحدث كل منهم عن لحظة ما شكلت فارقا في حياته اتخذ فيها قرارا ثم توالت عليه الفرص فيما بعد.
تقول ندى: “كان حلمي أن أحصل على شهادة الدكتوراه في اللغة الإنجليزية حيث تخصصي، ونظرا لظروف أسرتي المادية فقد اضطررت للعمل إدارية لخمس سنوات، قبل أن أفاتح أمي وشقيقي الكبير برغبتي في تحقيق حلمي القديم في دراسة الماجستير فشجعاني، ثم سجلت رغبتي على موقع إحدى الجامعات وخلال فترة قصيرة جاءني القبول، وبقدر سعادتي فقد بدأت رحلة معاناتي بإقناع مجال عملي بالتعاون معي في هذا، ففوجئت بالأنظمة الصارمة التي لا تتيح لي التغيب خلال الأيام التي سأكون فيها في قاعة المحاضرات. كانت الرياض، حيث الجامعة التي سأدرس فيها، تبعد عن بلدتي في حدود 350 كيلومترا ذهابا ومثلها عودة. طلبت الجامعة من المتقدمين مراجعتها فسافرت مع أمي وشقيقي، وهناك أبديت رغبتي في الاعتذار فسلمتني الموظفة ورقة، وكنت سأوقعها، لكني رأيت أن أستنير برأي شقيقي الذي لم يقل شيئا بل أمسك بالورقة ومزقها ورمى بها بعيدا، ثم سألني بصوت واضح “إنتي تبغين تكملين أو لا؟!” فبكيت وأنا أقول: “إيه أبغى أكمل بس كل شيء ضدي”، طلب مني النزول من السيارة وأن أعود للجامعة وأكمل كل الأوراق المطلوبة للتسجيل وقال لي “توكلي على الله وراح يسهلها علينا”.
تلك اللحظة شكلت فارقا في حياتي. أخذت جدولي المسائي وكان أربعة أيام في الأسبوع تبدأ الدراسة من العصر إلى العشاء. كنت أخرج من عملي منهكة وكذلك شقيقي وكانت والدتي تضع معنا في السيارة الغداء والقهوة والشاي وترمس الماء. أصبحنا نتردد كل هذه المسافة الطويلة لسنتين ونصف السنة، وكانت معاناتنا تزداد خلال فصل الصيف حيث الحرارة الشديدة.
حصلت على الماجستير بامتياز، وتركت وظيفتي القديمة، وأعمل حاليا في شركة خاصة بأربعة أضعاف راتبي، وأقيم في الرياض مع والدتي، وأكمل رسالة الدكتوراه. أحببت أن أشارككم قصتي لعلها تلهم أحدهم.
وخزة
يقول هنري فورد “لو اعتقدت أنك قادر على فعل شيء ما أو اعتقدت أنك غير قادر على فعل شيء ما، ففي كلتا الحالتين أنت على صواب”.