جنون الشباب
قالت عهدتك مجنونا فقلت لها
إن الشباب جنون برؤه الكبر
بيت شهير سائر، نسبه ابن قتيبة لابن أبي فنن، ونسبه المرزباني وغيره للعتبي، وهو الأشهر. وبغض النظر عن نسبة البيت، فلنتجاوزها إلى معناه.
من ينتصر للشباب، يستند إلى قصة أصحاب الكهف، فهم فتية آمنوا بربهم، ويستند إلى أن كثيرا من أصحاب رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ كانوا شبابا، وهو ما قاله قديما أبو حمزة الشاري، أحد زعماء الخوارج: "يا أهل الحجاز، قد بلغني أنكم تعيرونني بأصحابي وتزعمون أنهم شباب، ويحكم، وهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شبابا". كما أن من ينتصر للشباب يستند إلى أدلة أخرى عقلية ونقلية.
ومن ينتصر للشيوخ يورد أدلة متعددة، منها قوله تعالى: "حتى إذا بلغ أشده وبلغ 40 سنة"، والنقاش في هذا الموضوع طويل ومعروف في كتب التراث، وبالتأكيد فإن لعلماء الطب والنفس رأي مهم في ذلك.
وما أود قوله: إن في سن الشباب لذة ونشوة ونشاط وجرأة وطموح وأحلام وآمال عريضة، وهي مرحلة رائعة من عمر الإنسان، تتبلور من خلالها شخصيته بشكل واضح، ويبني فيها الإنسان مستقبله، فإن استثمر هذه المرحلة بشكل سليم، فسيقضي بقية حياته هانئا، وإن ترك لنفسه عنان هواها، ولم يحكم عقله، ويبحث عن مصلحته، فسيكون عرضة للاستغلال، وأبشعه وأخطره، استغلال الجماعات الضالة المتطرفة لطاقة الشباب وحماستهم وجرأتهم، كي يخدموا مصالح هذه الجماعات، لا مصالح الشباب.
أبكي ألما حين أرى أرواح شباب في زهرة العمر تزهق عبثا، لا كسبوا دينا ولا دنيا، بل ذهبوا وقودا لتحقيق أهداف جماعات شريرة، هي في واقع الأمر عدوة لهؤلاء الشباب.
حفظ الله شبابنا وبلادنا من كل مكروه.