رحلة السعدي إلى الرياض والحجاز

داود السعدي عالم عراقي، من علماء بغداد، عين مدرسا ومفتيا للمنتفق سنة 1271هـ، ثم عين مفتيا للجيش العثماني في منطقة الأحساء، عاد بعدها إلى بغداد حيث توفي فيها عام 1293هـ.
خلال عمله في الأحساء قام برحلة للحج عام 1288هـ منطلقا إلى الرياض ثم مكة المكرمة، وقد دون بعض مشاهداته في رسالة صغيرة طبعت في مطبعة الولاية ببغداد سنة 1872هـ (1289هـ)، تحت عنوان: "طريق الحج: من الأحساء، إلى الرياض، فالحجاز"، ولم أطلع على هذه الطبعة، لكني رأيت الرحلة منشورة في مجلة لغة العرب، التي كان يصدرها الأديب اللغوي الأب أنستاس الكرملي في بغداد بدءا من تموز (يوليو) عام 1911. وقد نشرت الرحلة عام 1913 (1331هـ)، في الجزء الثالث من السنة الثالثة للمجلة، ونشرت تحت عنوان: "الطريق من الأحساء إلى الرياض إلى مكة"، وتقع في عشر صفحات.
وبدأت رحلته في الخامس من ذي القعدة عام 1288هـ، إذ تحرك من قلعة صاهود بالأحساء بصحبة رجب أفندي البكباشي وقافلة الحج، وجاء في رحلته أنه وصل إلى الرياض في 17 ذي القعدة، ووصف مقامهم في الرياض بقوله: "يوم الأحد منه إلى الرياض ونزلنا حوطة عبد الله الفيصل، فركزنا اليبرغ السلطاني ونصبنا الخيمة المذكورة واجتمع الأهالي لدينا لأجل السلام إلا الشيخ النجدي عبد اللطيف الوهابي "عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب"، وعزمنا محمد الفيصل "ابن الإمام فيصل بن تركي" على وليمة معظمة فأبدينا له النصائح الدينية، والمواعظ المحمدية، وحرضناه على إظهار الطاعة والانقياد لحضرة الدولة العلية، وامتثال أوامر الحضرة المشيرية، وكان حينئذ عبد الله الفيصل "ابن الإمام فيصل بن تركي" بالخارج عن الرياض بمسافة ثماني ساعات فسيرت له ساعيا وحررت له كتابا فيه من النصائح والترغيب في حسن الخدمات المرضية، لجانب السلطنة السنية، والانقياد للحضرة الفريقية، فأجابني بالسمع والطاعة. وأما الرياض فبلدة فيها نحو ألف بيت وفيها بساتين كثيرة وتخمين الرياض والدرعية ومنفوحة وباقي قرى العارض لو اجتمعت وارداتها تقرب من واردات الأحساء والقطيف، وأهاليها أكثرهم في غاية الغلاء والمحنة والعياذ بالله وأكثر قوتهم اليرابيع والجراد وما أشبههما".
هذا فقط حديثه عن الرياض، علما أنه قد توسع في الحديث عنها مقارنة بغيرها من المدن والقرى، إذ لا يذكر في الغالب إلا مسافات الطريق والآبار ومعلومات تهم المسافرين. وكم تمنيت لو أسهب رحالتنا في وصفه للمدن والقرى التي مر بها، وتحدث عن مشاهداتها وانطباعاتها، ليرسم لنا صورة أوضح كما يفعل بعض الرحالة الغربيين الذين يهتمون بذكر كل صغيرة وكبيرة شاهدوها خلال رحلتهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي