الذي أكل يوسف «همياب كبير الذئاب»
* أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 527
***
* حافز السبت: انتبه! ما تراه مجرما، يراه شخص آخر بطلا.
***
* المعرفة، وادعاء المعرفة: يُحكى عن قاص يسمى "أبو كعب" مر على جماعة بمقهى وطلبوه بأجر أن يروي قصة. فقال: أروي لكم قصة يوسف. وذهب يروي القصة حتى وصل للذئب وقال إن الذئب الذي أكل يوسف اسمه "همياب كبير الذئاب"، والمستمعون في استمتاع وانسجام، وأكمل أبو كعب قصته وأخذ أجره وشكره من في المقهى على قدرته القصصية وعلمه، يهزون رؤوسهم عجبا وتعجبا: "همياب كبير الذئاب". ثم إنه في اليوم ذاته مر على قوم بمقهى آخر، وطلبوه ليروي لهم القصة، فما كان منه إلا أن روى قصة يوسف ذاتها، ولما وصل للذئب الذي أكل يوسف "همياب كبير الذئاب".. أوقفه السامعون وصرخوا بوجهه: حسبك يا مخادع يا جاهل فإن يوسف لم يأكله الذئب. وكان رده سريعا: "قصدي همياب كبير الذئاب الذي.. لم يأكل يوسف!" فحيوه وأجلسوه.
كقصة "داعش" إلا أنها بدون ضحك.
***
* داعش:
الجهل بالتطبيق العام يحكم الفكر الداعشي. ولا يختلف في ذلك عالمان حقيقيان بعلوم الشرع والتأصيل الفقهي وبحث النوازل، أو المتصلون القليلون بعلم الاجتماع الديني. وألفت، باقتناعي الشخصي، لعلم الاجتماع الديني الطوبة الأساس التي تخلق نتائج الفهم الديني بحالته المطلقة، وليته يدرس بأي تخصص شرعي، أو اجتماعي، أو سياسي. ارتباط الدين والمجتمع ببنائه الاعتقادي والتقليدي ينشئ فكرا جديدا لا يستطيع أحد التكهن به، وهذا ما سأشرحه علميا لاحقا. علم الأنثروبولوجيا في الأديان والمجتمع ربما نجانا من شر يستطير. إن للجهل بالعقود الأخيرة قوة أكبر من المعرفة، الجهلُ لا يبدو للكثير بصيغته الفكرية الجاهلة فيتبعه الكثيرون، لماذا؟ هل لأنهم لا يعرفون؟ لا، لأن الحذاقة في إفهامهم أنه الفكر المنقذ من الضلال والحامي من الأعداء، فتتبعه موجاتُ البشر، وتدافع عنه، بل إنك سترى صاحب عقل ثقيل يدافع عن جهل فاضح. حتى الآن يقدم مفكرونا وعلماؤنا العلم الحقيقي بطريقة لا تخترق القلوب، فيثبت في منطق الجماهير "إني أتبع ما أحبه، لا ما أفهمه". وإقناع العاطفة سهل جدا، واستدلالات الجهل ــ للغرابة ــ أكثر الأدلة التي يقتنع بها منطق الجماهير. يجب أن يتم تدبر النقل المعرفي الصحيح ليس فقط بالطريقة التقليدية، ولكن بالطريقة الديناميكية في فهم الجماهير ولمس قلوبهم ببراعة لتكون هذه القلوب مفاتيح العقول. سادت "داعش" لأن ما يحملها هو بساط من الجهل المرغوب لحال مطلوب.
***
* الذين أوجدوا داعش: لا يمكن لأي أحد بعيد عن كواليس وكوابيس السياسة الخفية أن يعرف من أسس "داعش"، وتجد أسماء دول بعينها تظهر عند الطرف، وأخرى تظهر عند الطرف الآخر. أقول لمن يعمل في أقبية السياسة الخفية، إن جمع أطراف مختلفة تثق بها لتشكل منظمة على جديدة الأرض لن يكون كما تتوقعون. ليس في تجميع الأجزاء عقلية حاسبة، أي 1 نعرفه + 1 نعرفه لا تساوي اثنين نعرفهما، مستحيل. في الكيمياء الحيوية تجميع وتركيب الطاقات ينتج وظائف وخاصيات جديدة. إذا تجمعت الإلكترونات والبروتونات بأعداد وسرعة معينة تشكل شيئا جديدا تماما بخاصيات جديدة هي الذرة، والذرات إذا تجمعت بشكل معين صارت مادة جديدة اسمها الجزيء، والجزيئات تكون الخلية. كل خطوة لا يتنبأ بما سيحدث في التي تليها. وأقرب مثال الماء، الأوكسجين والهيدروجين نعرف خصائص كل منهما وعندما يتحدان بنسبة معينة تخرج مادة جديدة لا تمت لهما بصلة وهي الماء. وعندما تفكك الماء سيختفي الماء. مخططو السياسة الخفية يشكلون منظمات من فرق يعرفونها ثم يتعجبون أن يفلت العقال، وينقلب عفريت القمقم عليهم لأنه، يا ناس، دمجُ فرق فكرية نعرفها وطيعة لنا لا يمكن أن يكون الناتج ما نتوقعه.. بل دوما فوق ما نتوقعه.
***
* الحل: فكك الماء إلى عنصريهِ.. فلا يعودُ ماء!