مشاريع قرآنية

من المشاريع الوطنية التي تستحق الفخر، ما قام به الدكتور عبدالرحمن الشهري أستاذ القرآن وعلومه في جامعة الملك سعود، ومدير مركز تفسير للدراسات القرآنية، حين نظم "المؤتمر الدولي لتطوير الدراسات القرآنية"، الذي أقيم لأول مرة في بداية ربيع الآخر سنة 1434هـ، وقد تشرفت بحضور بعض الجلسات التي كانت تضم باحثين من مختلف دول العالم الإسلامي، وكانت كل جلسة تستهل بإحدى قراءات القرآن السبع بتلاوة متقنة من قراء متعددي الجنسيات. وسيعقد المؤتمر دورته الثانية في جمادى الأولى للعام المقبل.
ناقش المؤتمر 69 بحثاً وورقة عمل خلال خمسة أيام، وأقيم على هامشه معرض مصاحب شارك فيه 34 مركزاً ومؤسسة من عدة دول، وتم عقد ثماني دورات تدريبية متخصصة في الدراسات القرآنية حضرها أكثر من 400 باحث وباحثة.
وقد شارك في فعاليات المؤتمر أكثر من 500 باحث وباحثة من أكثر من 30 دولة من مختلف دول العالم.
تناول المؤتمر قضية تطوير الدراسات القرآنية في ستة محاور: العلمي، التعليمي، التقني، الإعلامي، التشجيعي والتمويلي، وليس هذا فحسب، بل تم حصر بالرصد والتوثيق لجميع الأبحاث المشاركة في مجلدات مطبوعة ونسخ إلكترونية، فإذا أردت أي بحث له علاقة تصل إليه وللباحث بسهولة. الجديد في هذا المشروع لتطوير الدراسات القرآنية أنه لا يختص بالإعجاز العلمي ولا يتناوله، بل يفتح الآفاق الأبعد التي تربطنا بالقرآن أكثر مفهوما وحياة، مركّزا أكثر على الجانب التعليمي والاستثماري في تدريس القرآن، وكيفية تناول الإعلام للقرآن، ليس في إطار نقاشي فقط، بل بعرض الدراسات المؤكدة وجمعها وترتيبها من مختلف الجامعات.
أحد الباحثين القرآنيين الدكتور عبدالعزيز الضامر تناول مدى خدمة الأفلام الوثائقية للقرآن الكريم، فكان النتاج قليلا من القنوات الكبيرة المعروفة، واضعا أفكارا واقتراحات لصنع أفلام وثائقية للقرآن، وأنه في هذا الشهر الكريم الذي ينفق فيه الكثير للفقراء والمحتاجين، أن يكون الإنفاق في هذا المجال غير معتاد ولا معروفا..
ومع أن الرصد والتوثيق والفهرسة للأبحاث في جميع التخصصات خطوة تكميلية في غاية الأهمية، إلا أن الجامعات ــ مع الأسف ــ لا تقوم بها، فلا تجمع البحوث ولا يتم تحديث العناوين ولا ترسم خطة واضحة لتوجهات البحوث في التخصصات الجامعية، فالكل يبحث ويرمي على الأرفف دون جهود تنسيقية تكاملية بين التخصصات، ودون أي محاولة للرصد.
الرصد يسهل مهمة البحث ويوضح الرؤية لسير الأبحاث، فتعرف التخصصات أين ركزت بحوثها وأين تحتاج أن تركز بحوثها مستقبلا. لكن الاعتماد الدائم على الجهود الفردية في البحث يثير الأسى في هدره للطاقات والأوقات، ويفسر هذا الانعزال الكبير بين العلم والواقع!
ما كان في مؤتمر تطوير الدراسات القرآنية، منتظر في كل التخصصات خدمة للعلم، وهو بلا شك مجهود مضاعف لا يمكن أن يكون مسؤولية الأستاذ عضو هيئة التدريس، بل هو مسؤولية إدارات الجامعات وعمادات البحث العلمي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي