النظم المستدامة في أطول مبنى مستدام في العالم
أصبحت قضية "سبل مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي" قضية مهمة في جميع أنحاء العالم، وليس أطول مبنى في العالم - برج تايبيه 101 - بغائب عن مساعي إنقاذ بيئتنا. ولا يستهدف برج تايبيه 101 فقط أن يكون كياناً محققاً للربح، ولكنه أيضاً يسعى إلى أن يكون نموذجاً عالمياً لحماية البيئة والمسؤولية الاجتماعية. وقد أصبح برج تايبيه 101 أطول مبنى في العالم يحصل على الشهادة البلاتينية في الريادة في الطاقة والتصميم البيئي (LEED).
ويتميز برج تايبيه 101 بتطبيق سلسلة من الأنظمة والمعدات الصديقة للبيئة مثل الواجهة الديكورية مزدوجة الزجاج منخفضة النفاذية، ونظام إدارة الطاقة والتحكم بها، ونظام مراقبة جودة البيئة في الأماكن المغلقة، ونظام المياه الرمادية، ونظام مياه الشرب، ونظام التحكم في إضاءة المنطقة العامة ونظام الإضاءة الموفرة للطاقة الذي يستخدم مصابيح فلورية (T5) في جميع مناطق البرج المؤجرة.
وقد مكنت السياسات المتسقة لإدارة الطاقة برج تايبيه 101 من تجاوز متوسط المباني في كفاءة استخدام الطاقة بنسبة 30 في المائة، وفقاً لنظام تصنيف الطاقة بالنجوم المطبق في الولايات المتحدة. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية أدى ذلك إلى وفورات قدرها 8.7 مليون كيلووات في الساعة بما يعادل 26.1 مليون دولار تايواني (890000 دولار أمريكي)، فضلاً عن الحد من انبعاثات الكربون بمقدار 5369 طن. كما نفذت الإدارة أيضاً سياسية بيئة خالية من التدخين، وفصل النفايات وإعادة التدوير، وتدابير لتوفير المياه والطاقة. وقد أدت تدابير الإضاءة - التي تشمل استخدام مصابيح فلورية (T5) ذات كفاءة في استخدام الطاقة، ومصابيح ثنائية الصمام (LED)، وتنظيم الجداول الزمنية للإضاءة - إلى تحقيق وفورات في الطاقة بلغت 3.3 مليون كيلوواط ساعة في السنة. وفي مقابل كل درجة حرارة يرفعها برج تايبيه 101 داخل الأماكن المغلقة ينخفض استهلاك الطاقة بنسبة 6 في المائة. ويترجم هذا الأمر إلى وفورات قدرها 400000 كيلو واط ساعة من الكهرباء، وانخفاض قدره 250 طناً في انبعاثات غازات الدفيئة سنوياً.
ويوفر المبنى 770000 كيلووات ساعة من الطاقة سنوياً ببساطة عن طريق الاستفادة المثلى من الجدول الزمني لنظام التهوية في طوابق التجهيزات الميكانيكية، (طابق التجهيزات الميكانيكية هو طابق يوجد في بناية شاهقة يخصص للمعدات الميكانيكية والإلكترونية). كما أنه يوفر 730000 كيلو واط ساعة و1.5 مليون كيلو واط ساعة من الطاقة سنوياً عن طريق كل من تغيير وضع التشغيل في المبردات واستخدام نظام تكييف الهواء يتمتع بكفاءة الطاقة على التوالي. ويوفر برج تايبيه 101 كل عام نحو 28000 طن من المياه، حيث تشمل التدابير الخاصة بذلك تركيب الأجهزة الموفرة للمياه مثل الصنابير والمراحيض والمباول التي تعمل بأجهزة الاستشعار، مما يؤدي إلى تحقيق انخفاض بنسبة 60 في المائة في استهلاك المياه. وتحتاج ناطحة السحاب نحو 23 طناً من المياه لري ما يقرب من 660 متر مربع من المساحات الخضراء يومياً، ومن ثم فقد طبّق البرج نظاماً جديداً لجمع مياه الأمطار مركب بداية من الطابق رقم 34 ثم على حافة كل 8 طوابق، بحيث يتم توجيه مياه الأمطار إلى خزان ضخم في الطابق السفلي رقم 5. ويتم استخدام مياه الأمطار المرشحة لري المساحات الخضراء. كما تم أيضاً تحويل نظام الري بالرش إلى نظام الري بالتنقيط، مما قلل استهلاك المياه بنسبة 30 في المائة مع الحفاظ على رطوبة التربة.
ويفرض برج تايبيه 101 بكل صرامة نظاماً لتصنيف وإعادة تدوير النفايات في جميع أنحاء المبنى بواسطة إشراك المستأجرين في العملية مع تقديم تسهيلات مريحة. ومن خلال 25 تصنيفاً يقوم المبنى بتدوير 1261 طناً أو 71 في المائة من نفاياته سنوياً. ويتم تدوير نحو 162 طناً من الورق الخارج من شاغلي مكاتب البرج. ويتم تشجيع المستأجرين على استخدام اللوازم المكتبية التي تحمل العلامات الخضراء والمعدات التي تحمل بطاقات تشير إلى أنها موفرة للطاقة. وتستخدم المراحيض الورق المعاد تدويره ومنتجات النظافة المعتمدة كصديقة للبيئة. أما مرافق الطعام في برج تايبيه 101 فتقوم بشراء ما لا يقل عن 25 في المائة من المكونات الغذائية من المزروع في دائرة نصف قطرها 160 كم للحد من الأثر الكربوني.
وقد تقدمت الشركة بطلب للحصول على شهادة اعتماد بلاتينية وفق معايير الريادة في الطاقة والتصميم البيئي (LEED) في أوائل عام 2011. وفي 28 تموز (يوليو) 2011 حصل برج تايبيه 101 على شهادة اعتماد بلاتينية لنظام تصنيف أعمال التشغيل والصيانة للمباني القائمة. وعلى الرغم من أن تكلفة المشروع 60 مليون دولار تايواني (2.08 مليون دولار أمريكي)، إلا أنه من المتوقع أن يوفر 1.2 مليون دولار أمريكي في تكاليف الطاقة سنوياً. وفي عام 2012 من المتوقع أن يتم إعادة تصميم مركز التسوق الموجود أسفل البرج.
ويتبين من حجم ونطاق هذا المشروع أن الرسالة الأكثر أهمية هي أن أي مبنى - جديداً كان أم قديماً، صغيراً أم ناطحة سحاب، وبغض النظر عن موقعه في أي جزء من العالم - قادر على أن يصبح من المباني الخضراء المعتمدة. وقد نجح برج تايبيه 101 في رسم الاتجاه المثالي ووضع النموذج في هذا الصدد. وفي المملكة العربية السعودية لدينا بالفعل بعض المباني الجيدة جداً ذات أنظمة التهوية والهياكل الجيدة التي تستغل ضوء النهار الطبيعي لتوفير الطاقة وأيضاً تعزز من الحالة الصحية والراحة للناس الموجودين بداخلها. ولكننا أيضاً يمكننا الاستفادة من نموذج برج تايبيه، ففي الوقت الذي لا تزال فيه بعض الهياكل والأبراج الضخمة قيد الإنشاء في المملكة، فإننا يمكننا الاستفادة من هذه الفرصة بالسعي نحو المباني الخضراء واستهداف الحصول على شهادات مثل الريادة في الطاقة والتصميم البيئي (LEED). فالآن هو الوقت المثالي لتحويل مفاهيم الاستدامة إلى خطط رئيسة رائدة مع العمل على إيجاد إطار عمل للمباني الخضراء في المملكة العربية السعودية.