القصيدة والوظيفة

اعتبر المتحدث باسم وزارة الخدمة المدنية مسميات بعض تخصصات الجامعات شطر بيت في قصيدة، لطولها المبالغ فيه. أرى في قول الأستاذ عبد العزيز الخنين بعض التجني على الجامعات.
إن وصف تخصص معين يأتي اعتماداً على مدخلات كثيرة منها تركيبة متطلبات التخرج في التخصص، والعلاقة التي تربط الجامعة بمناهج أو جامعات أجنبية أو أنظمة تعليمية لدول أخرى. لذلك تجد مسمى التخصصات يتأثر بمنبع مُنشئي الكلية أو القسم سواء كانوا أساتذة الجامعة أو الخبراء والمستشارين.
يعيد هذا النقد للواجهة قضية توافق المخرجات. ألاحظ أن هناك حالة "شيزوفرانيا" بين قطاعات التعليم وبعضها من جهة، وبينها وبين الخدمة المدنية من جهة أخرى. حالة مستمرة منذ فترة ليست بالقصيرة، دون مبادرات للتقريب بين الآراء.
عندما تَحدَّث رئيس المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي عن اختبارات المركز والعلاقة بينها وبين مكونات التعليم العام والتعليم العالي، اعتَرَفَ أن هناك إشكالية حقيقية يؤكدها الفرق الواضح بين مخرجات الثانوية العامة ومتطلبات الجامعات السعودية التي يمثلها اختبار القدرات.
يستغرب الآباء حين يحقق أبناؤهم علامات متدنية في اختبار القدرات رغم حصولهم على أعلى الدرجات في اختبارات الثانوية العامة المدرسية. السبب واضح وهو أن الطالب يُقيَّم في المدرسة بطريقة تختلف عن الطريقة التي يقيِّمه بها اختبار القدرات. هل نعتبر الطالب وأهله مظلومين؟ أم نعتبر الاختبار عادلاً؟ سؤال لا بد أن تجيب عنه الجهات التعليمية بالحوار والنقاش واحترام الرأي المخالف.
عندما يتخرج الطالب في الجامعة ليعود للعمل في سلك التعليم، نكتشف مرة أخرى أنه لا يحقق الحد المطلوب من الكفاءة التي يقيسها اختبار "كفايات المعلمين"، والدليل أن درجة النجاح لا تتجاوز 50 درجة.
يصنع هذا الأمر دوامة حقيقية، فمخرجات التعليم العام لا تحقق متطلبات التعليم العالي، ومخرجات التعليم العالي لا تحقق متطلبات التعليم العام. قد ينتج عن هذا محاولات "كسر عظم" بين الجهتين ضحيتها خريجو كل جهة.
أعود للخدمة المدنية التي يجب أن يتجاوز دورها نقد مسميات التخصصات إلى تصنيفها وتجميعها بما يتفق ومسميات الوظائف. كما أتمنى على الوزارة أن تقلل مسميات الوظائف التي يصل طول بعضها إلى بيت شعر كامل في معلقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي