الإسكان .. تساؤلات مهمة

تمثل مشكلة الإسكان أمراً ملحاً في الوقت الحاضر نظراً للارتفاع الحاد في أسعار الأراضي، ما يصعب معه اقتناء أرض، خاصة الشباب محدودي الدخل لصعوبة بلوغهم أثمانها، لذا أصبح السكن وما يتعلق به هاجساً لقطاع كبير من أفراد المجتمع حتى أصبح حديث المجالس، وأصبح موضوعاً دسماً يكتب عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الصحافة التقليدية.
خاضت الحكومة تجارب عدة منذ عقود بهدف توفير السكن المناسب للمواطنين تمثلت في بناء مساكن على شكل فلل توزع على موظفي الدولة وعمائر تؤجر من قبل البلدية بأسعار رمزية، لكن النمو السكاني ووجود أعداد كبيرة من الوافدين الذين تؤمن لهم جهات عملهم سكناً أو تدفع لهم بدل سكن صعبا الموضوع على المواطنين، خاصة أن نسبة كبيرة منهم ليسوا من موظفي الدولة.
الصندوق العقاري كان إحدى تجارب الحكومة في توفير السكن المتمثل في دفع مبلغ لمن يمتلك أرضاً كي يشيد عليها المواطن مسكنه، وقد دخلت على هذا المشروع تعديلات بشأن مكان الأرض ومنطقتها، وكذلك تمت زيادة المبلغ من 300 ألف ريال إلى 500 ألف، مع إمكانية شراء المواطن سكنه بنفسه وبأي مبلغ على أن يدفع الصندوق المبلغ المحدد وهو 500 ألف ريال.
بعض الجهات الحكومية كالجهات العسكرية والجامعات وفرت مساكن يقطنها منسوب الجهة طالما أنه ينتسب ويعمل فيها لكنه ما إن يترك العمل لأي سبب من الأسباب لعجز أو مرض أو تقاعد يطلب منه إخلاء المكان حتى أن البعض يواجه ظروفاً صعبة لعدم وجود مسكن يؤويه وأسرته.
محاولات تلبية الطلب على السكن لم تتوقف على هذا، بل أنشأت وزارة الإسكان في صورتها الأولى عمائر سكنية تم بيعها للمواطنين بمبالغ تعادل قيمة القرض، ومع تزايد مشكلة الإسكان وتحولها إلى وضع مؤرق تمت إعادة وزارة الإسكان، التي باشرت إنشاء مساكن في المناطق الأكثر حاجة وإلحاحاً، لكن تنفيذ وتوفير مئات الآلاف بل ملايين المساكن لن يكون من السهولة بمكان مهما كانت إمكانات الوزارة من مهندسين وفنيين ومشرفين وبقية الأطقم البشرية المتابعة للمشاريع المنتشرة في مناطق المملكة ومحافظاتها.
المشكلة ليست باليسيرة، خاصة أنها تُركت حتى تراكمت واستفحلت إضافة إلى تأخر القرض العقاري والانتظار لسنوات تصل إلى أكثر من عشر سنوات، في وضع كهذا يطرح التساؤل: ما الحل؟ التفكير السائد الذي يتم الحديث عنه أن تتولى الوزارة توفير الأراضي وتنفيذ المشاريع بنفسها من خلال شركات متخصصة، أو أن يتم شراء مساكن من مستثمرين يعملون في هذا النشاط لكن هذا الإجراء يعاب عليه تأثره بالبيروقراطية الحكومية، إضافة إلى إمكانية ضعف المنتج لما يعتري المشاريع الحكومية من تجاوز للأنظمة وإخلال بالشروط وتلاعب بالمواصفات الفنية، ما يؤثر بشكل سلبي في عدم تحقيق الهدف بالشكل المطلوب. الحل في نظري يتمثل في توفير الأراضي لمستحقيها مع توفير القرض المالي على دفعات حسب مراحل التنفيذ كما هو معمول به في الصندوق العقاري، فهذا الإجراء يجعل مهمة وجهود تنفيذ المساكن موزعة على المواطنين، إضافة إلى إعطاء المواطن حرية اختيار التصميم الذي يناسب احتياجاته واختيار مواد البناء المناسبة له، وهذا يخفف على الوزارة المهمة ويعطي المواطن فرصة تحمل مسؤوليته في تنفيذ مسكنه كما يجنب الوزارة إمكانية تعثر المشاريع أو المبالغة في أسعارها، أو أي خلل في التنفيذ.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي