أعضاء مجالس إدارات «النفع الخاص»
عضوية مجالس إدارات مؤسسات "النفع العام" كالجمعيات الخيرية والجمعيات والهيئات العلمية والمهنية والاتحادات الرياضية والتي تعتمد بشكل كبير على التبرعات والهبات والرعايات إنما هي عضوية تكليف بكل ما تعنيه الكلمة لا عضوية تشريف أو عضوية منافع خاصة. يتوقع ممن يرشح نفسه أو يطلب عضوية هذه المؤسسات أن تكون له مساهمات مالية أو فنية أو معنوية كتوظيف العلاقات الخاصة كنوع من أنواع الدعم لمؤسسة "النفع العام" لتنهض بمهامها بالصورة المثلى لتحقيق أغراضها التي أنشئت من أجلها سواء كانت أغراضا تنموية أو أغراضا علاجية.
نتوقع ممن يترشح أو يتم اختياره لعضوية مجالس إدارات المؤسسات العاملة في مجال النفع العام أنه يسعى إلى إشباع ذاته وتحقيق طموحاته في خدمة وطنه ومجتمعه من خلال العمل في أوقات فراغه وهو على رأس العمل أو بعد تقاعده. ومن النادر جداً التوقع بأنه يسعى لعضوية هذا المجالس لتحقيق مآرب شخصية "نفع خاص" وإن كان بعضها يتحقق كمحصلة، ولا يتوقع بحال من الأحوال أن يتصدى للعمل في عضوية مجالس المؤسسات ذات النفع العام من لا قدرة لديه على دعم هذه المؤسسات ماليا أو فنياً أو اجتماعياً وإلا ما دواعي قبوله كعضو مجلس إدارة.
ومما يثبت هذه الحقيقة ما أفادت به وزارة الشؤون أحد العاملات بالجمعيات الخيرية المتخصصة بالتصدي لقضية اجتماعية بشأن قيود جمع التبرعات كمنع منح نسبة تسويق لمن يأتي بالتبرعات من الشركات والأفراد الميسورين، حيث أفادت الوزارة بأن المصدر الحقيقي لدعم نشاطات الجمعية يجب أن يكون من أعضاء مجلس الإدارة من خلال ما يتبرعون به من أموال ومن خلال علاقاتهم المتميزة ومكانتهم ودرجة الثقة به من قبل الرعاة والمحسنين.
وأقول نعم هذا صحيح إذ ليس من المتوقع أن يأتي مواطن للعمل كعضو مجلس إدارة لجمعية لرعاية الأيتام مثلا أو اتحاد رياضي للعبة معينة وهو غير قادر على دعم الجمعية أو الاتحاد ماليا أو فنيا أو اجتماعيا ويكون هدفه تحقيق مكاسب شخصية مالية أو اجتماعية أو وجاهة أو إضافة هذه العضوية لسيرته الذاتية لتعزيز سمعته وصورته أو للمرافقة الوفود التي تشارك في الأنشطة الخارجية كالمؤتمرات والندوات والمعسكرات لأنه بهذه الحالة سيكون عبئا أكثر من كونه عنصر دعم ومساندة.
أذكر أن رئيسة مجلس إدارة جمعية معنية بقضية اجتماعية تعاني سلبية عضوات مجلس الإدارة اللواتي لا ينفقن على هذه الجمعية رغم ثرائهن وعلاقاتهن في مجتمع الثراء وقدرتهن على دعم الجمعية بشكل كبير وفاعل والمضحك أن العضوات يشاركن بشكل كبير في النقد السلبي والتذمر من رئيسة الجمعية والجهاز التنفيذي والبرامج والمشاريع التنفيذية دون أن يفكرن لماذا هن أعضاء مجلس إدارة؟ وما الدور المنتظر منهن كعضوات مجلس إدارة؟ وهل يقتصر دورهن على إبداء الرأي والنقد أم المطلوب المساهمات المالية والفنية التي تدعم الجمعية لتحقيق غاياتها النبيلة؟ وأعرف أن هذه الجمعية التي تغص بسلبية عضوات مجلس الإدارة تعاني مشاكل مالية كبيرة تمنعها من النهوض بمهامها وتحقيق غاياتها.
أذكر أيضاً أن الكثير من أعضاء مجالس إدارات الاتحادات وللأسف الشديد يسعون لهذه العضوية لنفع الذات بكل ما تحمله الكلمة من معنى وبطريقة قد تكون مبتذلة، حيث يحرص الأعضاء على الحصول على مكافأة مالية عن كل اجتماع يحضرونه وهي مكافأة مالية بسيطة جداً بدل أن يقوموا بدعم الاتحاد ماليا وفنيا ومعنويا لتطوير اللعبة واللاعبين والحكام والمواسم الرياضية المحلية لإنتاج الموهوبين الذين يمكن تأهيلهم من خلال برامج التميز الرياضي ليحققوا البطولات.
حقيقة أستغرب أن مواطنا يسعى لعضوية مجلس إدارة اتحاد ليأخذ مكافأة مالية وليتمكن من السفر مع اللاعبين والفنيين في معسكراتهم دون تكاليف مالية، ولاستخدام العضوية لتحقيق مآرب خاصة ودعم سيرته الذاتية وموقعه الاجتماعي، وأستغرب أكثر عندما يسعى لتحقيق ذلك كله بسلبية منقطعة النظير تجاه عمله كعضو مجلس إدارة يتوقع أن يلعب دورا كبيرا لتطوير اللعبة والنهوض بمستواها ولاعبيها لتحقيق الدور التنموي للعبة الرياضية من جهة ولتحقيق البطولات التي ترفع علم بلادنا خفاقا في المحافل الرياضية الدولية بكل مستوياتها من جهة أخرى. ويزداد الاستغراب والدهشة عندما أسمع أن مثل هؤلاء الأعضاء يتعدون مرحلة عدم العمل الجاد في تنمية الاتحادات أو الجمعيات الخيرية أو المهنية أو العلمية التي يحظون بعضويتها إلى مرحلة إعاقة عمل الأعضاء الجادين والجهاز التنفيذي إذا لم تُحقق مطالبهم ومآربهم الشخصية الخاصة وذلك عبر التشكيك بالقرارات وتمييع القضايا والطعن بمصداقية وصفاء نية الأعضاء الجادين ورؤساء وأمناء المجالس وكلنا يعرف أن بعض الصراعات الناشئة عن ذلك وصلت للإعلام ولوزارتي الشؤون والتجارة والرئاسة العامة لرعاية الشباب بل للقضاء أيضاً، وهي صراعات بين فئة تريد أن تعمل وتنتج وتحقق الغايات النبيلة التي تصب في مصلحة الوطن وفئة تريد أن تحقق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة.
لا يمكنني أن أُسمي الساعين لعضويات مجالس الإدارات بهدف تحقيق الأهداف الشخصية على حساب ولا أقول بالاتساق مع الأهداف العامة إلا بـ "الطفيليات" التي تعوق العمل والتنمية وعلى جميع المجالس التخلص منها بأسرع وقت أو تجاوزها أثناء العمل وتطبيق اللوائح بحقهم وعدم الانصياع لرغباتهم الشخصية.
أخيراً أتمنى على كل الجمعيات الخيرية والعلمية والمهنية والاتحادات الرياضية أن تضع شرط الدعم والمساندة مالياً أو فنياً أو اجتماعياً كأحد شروط التقدم لعضوية مجالس الإدارات وإلغاء مكافآت الاجتماعات وإن كانت رمزية وإلزام كل أعضاء مجالس الإدارات بتوقيع تعهد بعدم توظيف العضوية للمصالح الشخصية بأي صورة من الصور كانت لعل المتطفلين من أصحاب المنافع الخاصة يتنحون جانباً.