مكافحة الفساد تتطلب الكشف عن المتورطين فيه
مواجهة حالات الفساد الوظيفي تتطلب موقفاً حاسماً وحازماً، فالوظيفة الحكومية ولا تقل عنها أهمية وظائف القطاع الخاص، ومنها المصارف والشركات الرئيسة في البناء الاقتصادي للوطن، هي وظائف تواصل بين الجمهور والمرافق الحكومية والخاصة، ولذا يجب حماية نزاهة الوظيفة من العبث والتكسب غير المشروع، لأن هذه الحماية وسيلة لصيانة دور الوظيفة في تحقيق أهداف كل وزارة وهيئة ومرفق حكومي، وعلى الأخص تلك المرافق الخدمية التي تتعامل مع المواطنين والمقيمين في كل ما يقدمه الجهاز الحكومي من خدمات، حيث تظهر أهمية تنفيذ الأنظمة والتعليمات من أجل سلامة سير الجهاز الحكومي الذي يمثله موظفوه دائماً في علاقاتهم مع الجمهور.
لقد أحسنت وزارة العمل في الكشف عن حالة فساد وظيفي قام بها أحد الموظفين من ضعاف النفوس، حيث طلب مبلغاً من المال لقاء شطب وحذف مخالفة ترتب عليها غرامة مالية على أحد المراجعين، الذي قام بدوره بتقديم بلاغ للمباحث الإدارية المختصّة بضبط جرائم الوظيفة العامة، ومنها الرشوة، وتم بالفعل ضبط ذلك الموظف متلبساً بالجرم المشهود وتسلم الرشوة نقداً. ويحسب لوزارة العمل ومكتبها الذي كان الموظف بطل هذه القصة يعمل فيه، أنها لم تتكتم على هذه القضية كما هو مألوف في بعض الجهات التي تعتبر نشر مثل هذه الحالات إساءة لكامل موظفي الجهاز، مما يتطلب معالجة الموضوع بسرية وقد يصل الأمر حد الانحياز لمصلحة الموظف من قبل مديره أو مديريه المباشرين وغير المباشرين.
وكأي جهة حكومية سبق أن قام موظفو الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بزيارة لمكاتب العمل وراعهم مشهد الانتظار الطويل والطوابير التي تبدأ في الانتظام منذ شروق الشمس لحجز مكان للانتظار فيه، وتتوالى تلك الطوابير التي لا تنتهي في التجمع والتدافع إلا مع اقتراب صلاة الظهر ثم العودة وإكمال الانتظار حتى قرب انتهاء الدوام الرسمي. وخلصت الهيئة إلى أن هذا الازدحام الشديد والتأخر في حصول المراجعين على الخدمة المطلوبة يفتح الباب على مصراعيه للتكسب غير المشروع والتربح بتقديم خدمات مميزة لمن يرغب في تجاوز طوابير الانتظار، وبادرت وزارة العمل إلى إيجاد حل سريع وعاجل لطوابير الانتظار في مكاتب العمل حيث دشنت خدماتها الإلكترونية.
أما الفساد في مكاتب العمل فقد تحدث عنه وزير العمل في وقت سابق لإحدى الصحف، وأكد أن القضاء عليه مرتبط بمبدأ الشفافية وتوضيح القواعد والحقوق لكل المواطنين، إضافة إلى اكتمال منظومة وزارته إلكترونيا وقال ما نصه "إن الفساد موجود في مكاتب العمل وفي غيرها ومكافحة الفساد في تصوري مرتبطة بتطبيق مبدأين أساسيين؛ الأول الشفافية وتوضيح القواعد والشروط والحقوق والثاني هو تقديم الخدمات الإلكترونية" وإذا كانت الخدمة الإلكترونية هي الحل، فإن من السابق لأوانه الحديث عن نجاح الخدمة الإلكترونية على الرغم من أن هناك من يؤكد أن وزارة العمل برعت فيها مثل عديد من الشركات في القطاع الخاص، التي استطاعت نقل مكان الخدمة وقنواتها إلى مواقع الإنترنت.
والذي يهم كل مواطن ومقيم أن يعي أنه لا يحتاج إلى من ينجز له عمله في مكاتب العمل ووزارة العمل، فهناك خطوات واضحة تم تفعيلها على موقع الوزارة وهي سهلة وميسرة، ومعظم الخدمات لا تتطلب مراجعة مكتب العمل بل يمكن إنجازها إلكترونياً، كما أن مواجهة الفساد فيها حماية للمواطن والمقيم، ولذا فإن دور مراجعي مكاتب العمل في حال مواجهة حالة فساد، أن يبادروا بتقديم بلاغ رسمي لدى جهات الضبط الجنائي، التي ستعالج الحالة بما يضمن سلامة تطبيق القانون وحماية الوظيفة العامة وحماية حق المواطن والمقيم.