«يعطيك خيرها» لو كانت بعيون زرقاء
تابعت بكل سرور الحملة الوطنية للحد من حوادث المرور "يعطيك خيرها" التي دشنها أمير منطقة الرياض.. وأقول بكل "سرور" لأن الحملة قد أعدت ونفذت بمستوى مهني متطور لم نتعود عليه في أسابيع المرور السعودية أو الخليجية.. وقد تكاملت في الحملة عناصر قوة نفتقر إليها في حملات التوعية فصاحب الفكرة الأمير سلطان بن سلمان يعشق المغامرة فقد ركب سفينة الفضاء، وقاد ولا يزال يقود الطائرات كبيرها وصغيرها لكنه يكره التهور وتعريض نفسه ونفوس الآخرين للخطر.. وهو نفسه الذي يعيش يومياً مع حالات مؤلمة من الإعاقة نتيجة حوادث السيارات بصفته المسؤول الأول عن جمعية الأطفال المعوقين لسنوات عديدة.. وهو نفسه أيضاً الذي دعا في إعلان تلفزيوني إلى ربط حزام الأمان وذلك قبل 30 عاماً.. أما الإعداد فقد تولاه فريق من المعدين القادرين على البدء من حيث انتهى الآخرون في حملات التوعية الوطنية، ثم يأتي المذيع الجرئ المشهود له بالمهنية العالية صلاح الغيدان ليتوج منظومة النجاح التي منح لها التلفزيون السعودي الوقت والمساحة اللازمة في قنواته المتعددة.. ولا يمكن أيضاً نسيان دور الأمن العام ممثلاً في المديرية العامة للمرور وأمن الطرق وغيرها من الأجهزة ذات العلاقة.
أما تعليقي على الحملة فيمتثل في جانبين أولهما أنه لو كانت هذه الحملة مستوردة فكرة وتنفيذاً لدفعنا الملايين ثمناً لها ولكان اهتمامنا بها أكبر لمجرد "أنها بعيون زرقاء"، أما وقد لبست ثوباً وعقالاً فإن "زامر الحي لا يطرب"، ولم نجد في الإعلام المطبوع أو الإلكتروني المشغول بتضخيم السلبيات أي احتفاء بها كخطوة إيجابية وإبداع سعودي يتفوق على ما ينفذ من حملات توعية في بعض دول الجوار التي نهلل لكل عمل تقوم به!
أما الجانب الثاني من تعليقي على الحملة فهو ما قاله الخليفة عثمان بن عفان ـــ رضي الله عنه : "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" بمعنى أن حملات التوعية لا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة إيجابية ما لم يصاحبها قوة في تطبيق النظام.. ويكفي أن نتوقف عند الأثر الذي أحدثه "ساهر" من كبح للسرعة الجنونية لكن تبقى المخالفات الأخرى بلا عقوبات.. فالذين يعتلون الأرصفة بسياراتهم ثم يعترضون أمام السيارات عند إشارات المرور في مدننا لا يفعلون ذلك في البحرين أو دبي لأن هناك غرامة تصل إلى عشرة آلاف ريال وقد تزيد أحياناً مع السجن والتشهير!.
وأخيراً: الأرقام التي وردت في لقاءات "يعطيك خيرها" مع رجال المرور حول الوفيات والمصابين والخسائر المادية يومياً وسنوياً في بلادنا بسبب حوادث المرور، مخيفة جداً وتستحق أن تصدر العقوبات الرادعة وأن تطبق بحزم ودون محاباة لأحد.. ولنبدأ بحزام الأمان الذي تقيد به الجميع حينما فرض بحزم عام 1405هـ ثم ترك الحبل على الغارب فلم يعد أحد يهتم حتى بعض أفراد المرور أنفسهم.. وكذلك منع استخدام الهاتف أثناء القيادة فهو من الأسباب المهمة لوقوع الحوادث عند الانسجام في حديث طويل أو كتابة أو قراءة رسالة يمكن أن تكون سبباً في كارثة مع إمكانية تأجيلها إلى وقت لاحق وتحقيق السلامة للجميع.