مكيفات التجار «الغلابة»

تحدث صاحبي عن قطار الجنوب وأهميته، استغربنا أنه لا توجد خطط لربط العاصمة بجنوب المملكة بواسطة القطارات. دخل في الموضوع زميل كان يعاني صعوبة الحصول على قطع غيار لسيارته. صدمنا بادعائه أن تأخير كل مشاريع النقل العام سببه جشع التجار الذين يحاربون هذه المشاريع ليكسبوا مزيدا من الأموال، حيث تجاوزت واردات المملكة من السيارات 75 مليار ريال، ومن قطع الغيار أكثر من تسعة مليارات ريال سنوياً.
أيا كان السبب فإن أي إنسان يُفضِّل مصلحته الشخصية أو مصلحة شخص أو مجموعة من الأشخاص على مصلحة الوطن يرتكب جريمة كبرى. دارت تهم مثل هذه حول التجار الذين يعيقون مشاريع توسعات الحرمين الشريفين ـــ بادعاء عدم عدالة التعويضات ـــ ليكسبوا أو يكسب أقرانهم مزيدا من المال.
ما دام الحرمان الشريفان لم يسلما من الأطماع، فمن الطبيعي أن نشاهد المخالفات والغش التجاري ينتشران. تحمل رسائل التواصل الاجتماعي وصحف البلاد كل يوم خبراً عن مطعم أو مستوصف أو سوق أو معرض أو وكيل تجاري تعرض للعقاب بسبب مخالفة. استفحال المخالفات يجعلنا نطالب بعقوبات أشد من الإيقاف المؤقت. وعبارات مستوصف في شمال الرياض أو مطعم في جنوب جدة، يمنح إعلان أسماء المنشآت المواطن الفرصة للمساهمة في هذا الجهد.
عندما قيض الله لوزارة التجارة من يدافع عن حقوق المواطن ويطالب له بالأفضل، ويجتمع بالشركات الكبرى ويلزمها بتكثيف مراكز الصيانة والخدمات، أصبح من الضروري أن تتعاون كل القطاعات معه لـ "تنظيف" السوق.
دعمت الدولة الأعمال وأعفت التجار من كثير من الضرائب ومكَّنتهم من تحقيق أرباح خيالية، جعلتنا نرى أشخاصاً يصعدون بسرعة تفوق سرعة حصولهم على القروض لتضم السعودية أكثر من 200 ألف مليونير.
التجار "الغلابة" هم من شغلتهم الأموال وجمعها عن القيم والمبادئ العليا، وهم يعتبرون أنفسهم غلابة لأنهم لم يمتصوا مزيدا من دماء المواطن، فالتجارة عندهم "فهلوة" لا تحترم القيم والأخلاقيات.
استغلت مجموعة منهم فرصة المهلة التي منحتها التجارة للتخلص من المكيفات التي بحوزتهم، ولا تطابق المواصفات العالمية، فاستوردوا المزيد من "السكراب". الغريب أنهم سيتقدمون بشكوى ضد وزارة التجارة لأنها تمنع اليوم بيع هذه المنتجات "الخردة" التي كانوا ينوون بيعها على العباد. وعذرهم أنه لا توجد أي دولة في العالم تسمح بدخولها.. وعجبي!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي