سكة الحديد الخليجية.. ستنشر عوائدها وثقافتها أيضا
كلما سار مشروع السكك الحديدية بين دول مجلس التعاون الخليجي، ضمن إطاره الزمني، كانت العوائد كبيرة لهذا المشروع الضخم، الذي يمثل نقلة نوعية في تاريخ المجلس، ويضع حراكه على الطريق السريعة. وهذا المشروع سينهي تلقائياً العقبات التي لا تزال موجودة في قطاع نقل البضائع والشحن على المناطق الحدودية، كما أنه سيوفر كثيرا من التسهيلات اللازمة في انتقال الركاب بين دول مجلس التعاون، بل بين هذه الدول من جهة، والدول العربية الأخرى المتاخمة لها. والسكك الحديدية الخليجية، ستختصر أيضاً المسافات، وستدعم التوجهات للحفاظ على البيئة، من خلال تقليل حركة المركبات على الأرض، فضلاً عن توفير معدلات لن تكون منخفضة في استهلاك الوقود. كما أنه سيجتذب شرائح من ركاب الطائرات الذين يتنقلون بين البلدان الخليجية. إنه مشروع استراتيجي، يرفع من زخم الاستراتيجية العامة لمجلس التعاون.
ورغم أن المشروع تأخر بعض الشيء، إلا أن وصوله إلى نقطة الانطلاق سيزيل كثيرا من شوائب تأخره، خصوصاً أنه يلقى دعماً على كل المستويات ضمن المجلس، إضافة طبعاً إلى دعم مختلف القطاعات الخليجية، التجارية والسياحية والاستثمارية.. فضلاً عن الدعم الاجتماعي غير المباشر له. وخط سير سكة الحديد يبدأ بالكويت وينتهي في مسقط. وعندما يتم تشييد الجسر المزمع بين قطر والبحرين، فإنه سيمتد على هذا الجسر، المنتظر منذ سنوات طويلة. والتكلفة المقدرة للمشروع ليست "من الناحية الاقتصادية" كبيرة. فالعوائد المتوقعة تلغي آثارها. فالكلفة التي تصل إلى 15.4 مليار دولار، التي تشمل أيضاً جسراً آخر يربط المملكة بالبحرين، ليست عالية بما يكفي كي تضغط على الموازنات العامة لدول مجلس التعاون. يضاف إلى ذلك، أن أموال القطاع الخاص ستعلب دوراً رئيساً فيها.
والسرعة المبدئية لقطارات الركاب التي ستعمل على الخطوط الحديدية الخليجية والتي تصل إلى 220 كيلو متراً في الساعة، يمكن أن ترتفع في مرحلة لاحقة من التشغيل. وهذا يعني اختصار مزيد من الوقت، سواء في نقل الركاب أو في مجال الشحن. فعلى سبيل المثال، بدأ القطار الذي يربط فرنسا ببريطانيا عن طريق النفق الأوروبي الهائل، بسرعة محددة وهو الآن بعد سنوات من بدء تشغيله يسير بسرعة تقترب من ضعف تلك التي اعتمدت في البداية. وطول سكة الحديد بين دول مجلس التعاون، يساوي ثلاثة أضعاف طول الخط الذي يربط البلدين الأوروبيين المذكورين. والمجال أمام القطار الخليجي على صعيد التضاريس، أكثر رحابة منه عند نظيره الأوروبي، الأمر الذي يوفر مزيدا من السهولة في تطوير الأداء في المراحل المقبلة. بما في ذلك عدم الاضطرار لشق نفق أو أنفاق مكلفة، تفرض معاييرها التشغيلية.
ومن ضمن العوائد الهائلة لسكة الحديد، أنها ستدعم مباشرة الاستثمارات بين بلدان المنطقة، كما أنها سترفع من معدلات الجذب للاستثمارات غير الخليجية. فكثير من المشاريع تعتمد على النقل ومدى تطور شبكاته، وجودة الخدمات التي يوفرها. يبقى هناك كثير من التفاصيل، وكثير من الروابط والمتعلقات، ولكن المؤشرات كلها تدل على أن الأمور تسير بخطوات ثابتة. ولعل أهم نقطة في هذا المجال، أن التصاميم الهندسية التفصيلية للمشروع ستنتهي في أواخر العام الجاري. وإذا ما صدقت التوقعات بإمكانية استكمال الأعمال وتشغيل السكك الحديدية في عام 2018، فإن المنطقة ستحقق إنجازاً هائلاً على صعيد الزمن. فثلاث سنوات فقط ليست فترة طويلة لبناء شبكة من السكك الحديدية يزيد طولها على ألفي كيلومتر، وتمر في ستة بلدان. مع الإشارة إلى أن التقنيات المتطورة متوافرة، وأنها تضيف جديداً إلى نفسها بصورة مستمرة.
إن مشروع سكة الحديد الخليجية، سيطرح ثقافة جديدة في الخليج، تلامس العلاقات والاقتصاد والمجتمع.