يا مرور يا
أثَّر الحادث المؤسف الذي تعرض له أحد المواطنين الأسبوع الماضي والتعامل غير الاحترافي معه، على العلاقة السيئة أساساً بين الناس وإدارات المرور. فبحكم اعتبار المرور مدير "ساهر" الذي تبهر فلاشات كاميراته عيون السائق، وقف كثيرون في صف الشاب الذي أصيب نتيجة مشادة مع أحد رجال المرور.
أؤكد أولاً أن هذا التصرف ليس نهج المرور أو أي قطاع في الدولة، وأنه غير مقبول مهما كان موقع الموظف أن يكون في حالة عداء مع المجتمع الذي هو أحد أفراده في الأساس. لكن الناس تتأثر بالمقاطع المرئية أكثر من التصريحات الصحافية، وأغلب الناس ذاكرتهم تصويرية، والبقية لا يقرؤون.
تمنيت لو زار مسؤولو المرور ذلك الشاب، وعبروا عن تعاطفهم مع أسرته. تمنيت كذلك لو شجبت إدارة المرور ذلك السلوك من موظفها وتبرأت منه. الأكيد أن العسكري سينال حقه من العقاب، والأكيد كذلك أن هذه حالة يجب ألا تمر مرور الكرام.
يُفترض أن تعمل الجهات التي يتعامل منسوبوها مع الجمهور على تطوير قدرات التواصل مع المجتمع، وتنظم برامج للتوعية بكيفية إدارة الغضب، والتحكم في المواقف الصعبة. هذه البرامج مهمة لمن يعملون في الميدان لأسباب كثيرة، من أهمها أنهم يعملون في بيئة صعبة ودرجات حرارة عالية، وإزعاج يفرضه أسلوب القيادة في شوارعنا. كما أنهم مضطرون للتعامل مع أشخاص من مختلف الثقافات، والمستويات السلوكية، والمشكلات النفسية والاجتماعية.
ومن التواصل مع المجتمع يأتي دور المرور في التحكم في الحوادث وضمان إنقاذ المصابين بسرعة. يحكي لي زميل أنه بقي ما يقارب الساعة في طريق سريع ليعبر ازدحاما مروريا سببه حادث. كونت السيارات ستة مسارات في طريق مساراته ثلاثة. أسهم المتجاوزون من جهة اليمين في إطلاق كم هائل من الغبار الذي حجب عن الناس الرؤية والتنفس.
استمرت سيارات الإسعاف في تشغيل الأضواء والمطالبة بمكبرات الصوت للسماح لها بالوصول إلى موقع الحادث دون جدوى. هذا في زمن يفترض ألا تتجاوز ردة فعل الإسعاف فيه أربع دقائق.
تمنى صديقي ــ وأنا معه ــ أن يُفتح منفذ في الصبات الخرسانية التي تفصل الشارعين كل مائة أو مائتي متر يُمكِّن سيارات الإسعاف والإنقاذ من الوصول للمصابين بالسرعة الضرورية.