ولي العهد مع طلبة اليابان .. دلالات وقيمة
لقاء ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز مع الطلبة السعوديين المبتعثين في اليابان، يكتسب دلالات كثيرة وقيمة كبيرة، وإشارات عميقة، ولا سيما أنه اعتاد مثل هذه اللقاءات في زياراته لبلدان تستقبل المبتعثين السعوديين الساعين إلى مزيد من التحصيل العلمي والدراسات العليا، في إطار مخططات تتبلور منذ سنوات، وتختص بطبيعة هذا التحصيل وانعكاساته على التنمية في المملكة، سواء من ناحية الحاجة إلى تخصصات علمية محددة، أو من جهة متطلبات الحراك التنموي، وما تطرحه سوق العمل من شواغر. فالمبتعثون السعوديون حول العالم يرتبطون بالمستقبل ومعاييره العلمية والعملية، كما أنهم يشكلون شريحة تمثل مصدراً للتعليم والتدريب والتأهيل المحلي في وقت لاحق. والرعاية التي يتمتعون بها تأتي من أعلى المستويات، ما يزيد من مسؤولياتهم خلال سنوات التحصيل العلمي، وبعد ذلك في الحقول العملية المختلفة.
وواجبات الطلبة السعوديين المبتعثين بشكل عام يقابلها حراك من التشجيع والتحفيز والرعاية والاهتمام، وهو حراك قلما تمتعت به أغلبية الطلبة في العالم أجمع. والأمير سلمان الذي أولى اهتماماً لهذا اللقاء، قدم خلاصة الواجبات التي تنتظر الطلبة السعوديين، التي يمكن اختصارها في "إن بلادكم جديرة بالخدمة والإخلاص". قال ذلك، وهو يعبر عن سعادة لا توصف برؤية أبنائه المبتعثين، ليس فقط في اليابان، بل في أي بلد آخر يجمعه فيه لقاء مماثل مع بقية أبناء المملكة. ليس غريباً على ولي العهد مكرمته للطلبة. فقد اعتاد على التكريم المعنوي والمادي لهؤلاء كلما استدعى الأمر. وللمكرمة المادية نفسها دلالات معنوية لا حدود لها. إنها من أب لأبنائه، الذين يجهدون من أجل المصلحة العامة والخاصة. إنها إشارة أخرى، إلى أنهم في صلب الاهتمام على أعلى مستوياته.
إن هذا الاهتمام، ظهر أيضاً من خلال حرص ولي العهد على الاطلاع على المشاريع والبرامج الطلابية السعودية في اليابان، ولا سيما دور هؤلاء الطلبة في الابتكارات والاختراعات التقنية والتجارب العلمية المختلفة. وكل هذه الإنجازات ومشاريع الإنجازات، تصب في النهاية في مصلحة الوطن، وفي حراكه المتجدد نحو مزيد من التنمية، التي يمثل الجانب البشري المحور الأول والركيزة الأهم لها. لقد أكد الأمير سلمان أن الحراك التعليمي العالي للطلبة السعوديين، ليس سوى فضل من الله ــ عز وجل ــ وبعده الوطن، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي يحرص على توفير الفرص الابتعاثية لأبنائه، وتأمين كل متطلباتهم من أجل ضمان العوائد بكل فروعها واتجاهاتها. ولا سيما أن هذه العوائد، تختص ببلد محوري، روحياً واقتصادياً. بلد هو ببساطة مصدر للدين الإسلامي الحنيف وللعروبة.
وسيعود الطلبة المبتعثون إلى بلادهم لخدمتها وخدمة ما يرتبط بها على صعيد دينهم. إنها قبلة المسلمين في كل مكان. كما أنهم سيقومون بدورهم في حراك تنموي هائل، انطلق منذ سنوات عدة، وزادت وتيرته في الآونة الأخيرة، على أساس استثمار أمثل وأكبر للثروة التي تتمتع بها المملكة، وصياغة اقتصاد مختلف عما كان عليه طوال العقود الماضية. والأمير سلمان يريد أن يكون دور خريجي الدراسات العليا أساسياً في حراك يصنع المستقبل. إن القيادة السعودية على أعلى مستوياتها، وضعت الاستثمار في التعليم على رأس الأولويات، ولذلك لم توفر جهداً أو أداة، إلا وظفتها من أجل أن يحقق هذا الاستثمار عوائده المباشرة. وفي هذا المجال، ليس هناك خيارات سوى النجاح والتفوق والتميز. فمن حق الوطن، الذي أنفق واهتم ورعى وقدم، أن يحظى بالنتائج المطلوبة. إنها العملية التبادلية الوحيدة التي تخص الوطن مباشرة، تماماً كما تخص الفرد.