أشقى رجال العالم
كانت شلتنا محدودة العدد تجتمع مساء كل خميس. يختار أحدنا مطعماً نتعشى فيه، ثم نحتسي القهوة في أحد المقاهي. الفرصة الوحيدة التي كنا ننتظرها طوال الأسبوع، كان ينغصها علينا الموقع الذي يُعطى للرجال في المطاعم. أحدها يضعهم تحت الدرج، وآخر يحاصرهم بثلاث أو أربع طاولات، وثالث يضعهم في المدخل فرجة للرائح والغادي.
تصرُّف العاملين كان أسوأ، فهم مشغولون بالسيدات اللاتي يحضرن بأعداد كبيرة وتسمع لهن "دبيباً" و"ودودة" تتطور لتظهر على شكل ضحكات و"قفشات" ساخنة تنطلق في كل الأرجاء. استمر الحال حتى أصبحنا أقلية غير مرغوبة، تُذَكِّر الواحد بالعنصرية التي عاناها السود في نظام "الأبارتايد" وتلك التي سادت جنوب الولايات المتحدة في الخمسينيات. بهذا "تفرتكت" تلك الشلة.
كنا كل مرة نتمنى لو أنهن لم يحصلن على الرواتب والمزايا التي جعلتهن يزاحمننا في الأسواق والمطاعم والفنادق. فدور الواحدة منهن يتلخص في تدمير ذلك الراتب، دون أداء أي التزامات تجاه الزوج أو الأطفال أو البيت.
هرب الرجال إلى المقاهي والاستراحات. لكن تلك لم تكن المنطقة الوحيدة التي فقد الرجال سيطرتهم عليها. المرأة اليوم تحتل أعلى المناصب وترأس الرجال وتعاملهم بقسوة لا تعكس الجمال الذي تدعمه المساحيق والرموش الصناعية والأظفار المركبة، حتى أنني أخشى على رئيسنا "أبي سعود"، فقد بلغت المرأة رئاسة التحرير.
دخلت مجلس الشورى والمجلس البلدي ورأست الجامعات وتكاد "تتوزر"، سيطرة بدأتها المعلمة والموظفة، فنسيت الزوج والطفل في خضم صداقاتها ولقاءاتها ودورياتها ومؤتمراتها، أمر لم أره حتى في طرف العالم الغربي الذي يحاولن أن يقلدنه.
لكن ما عذر العاطلة عن العمل التي لا مهمة لها في الحياة سوى توجيه الخادمة نحو مواقع التنظيف وتدير بـ "الريموت" عمليات غسل الملابس وتنظيف الأسوار؟ ما عذرها عندما يبكي أطفالها فيجدون الخادمة تحملهم وترضعهم وتغير ملابسهم وتُرَبيهم، لأن "طويلة العمر" مشغولة في زيارات وحفلات في كل قصور الأفراح، و"كراث" الضحى؟
جاء انتصار مؤقت للرجال عندما اكتشفت الكاتبة الأمريكية زوي فيراري هذه الحقيقة، فاعتبرت الرجل السعودي أشقى رجال العالم. ولمن أرادت أن تتأكد فلترجع لكتابها "مملكة الغرباء"، عسى أن يحن قلبها على أشقى رجال العالم.