أعطني حريتي

كان أحد العاملين معنا في سنين مضت يعمل في مجال البيع بالتقسيط، أي من قوم "الجفرة".عندما يتأخر مقترض يتوجه الرجل ليشكوه يوم الأربعاء. يُستدعَى الرجل ويُحجز في التوقيف، ويضمن صاحبنا أن يبقيه في التوقيف نهاية الأسبوع كاملة، لعدم وجود من يتعامل مع القضايا في الإجازة. تهديده لزبائنه استمر بتلك "العلقة"، كلما تأخر الواحد منهم عن سداد قسط.
مرت سنون، جاء يوم قرأ فيه القاضي معاملة فاستدعى الكاتب وسأله بغضب: كيف يبقى هذا الرجل في السجن كل هذه المدة وليس مطالباً من أي جهة؟ ولماذا لم يطلق سراحه من قبل؟ وما سبب تأخير المعاملة كل هذا الوقت؟
تخص المعاملة رجلاً موقوفاً بسبب مطالبة خصمه له أمام القضاء. بعد سجن الخصم ترك المدعي المعاملة، ولم يراجع مضاعفاً معاناة خصمه. أمضى الرجل نحو شهرين دون توجيه أي تهمة له في مجلس القضاء.
أمر القاضي بأن تعطى القضايا من هذا النوع أولوية ما دامت تتعلق بموقوفين فقدوا حريتهم بناء على شكوى لم تثبت صحتها أو يحكم القضاء فيها.
مثلها قضية الموقوفين في سجن بريمان الذين مضى على سجنهم سنين دون أن يطلق سراحهم بسبب حق عام أو حق خاص لم يقرر فيه القضاء شيئاً.
أستغرب كيف تتقبل الجهات المختصة أن يبقى أعداد كبيرة من الناس في السجون، دون ذنب أو حكم قضائي نافذ. إن الاستهانة بحريات الناس وحبسهم تحفظياً دون أن يكون ذلك مبرراً، أمر خطير.
عندما كان صاحبنا يحجز المتخلفين عن السداد، لم تكن محاولاته تنجح في أغلب الحالات. كما أنها لم تكن تنجح مع من كان يلقبهم بـ "المتحايلين"، لأنهم كانوا يعرفون خطته ويحاربونه بالسلاح نفسه، فلا يمكنونه من أنفسهم بسهولة.
أغلب من يقعون ضحايا هذا الأسلوب غير الإنساني هم ممن يحترمون القضاء ويتفاعلون مع طلبات الحضور التي توجهها لهم الحقوق المدنية أو المحكمة. يجب ألا يكون احترام القضاء عيباً يعاقب عليه أهله. كما يجب أن تعمل الشرط والمحاكم على استنفاد وسائل أخرى كالكفالة والغرامات قبل إيداع الناس السجون، ويفرض للحجز التحفظي حد أقصى. كما يجب أن تُلوَّن معاملات هؤلاء بلون مختلف يعطيها أولوية قصوى وليتها تكون إلكترونية، احتراماً لحقوق الإنسان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي