التجسس الذهني

إنهم يسخرون كل قدراتهم في سبيل خدمة مصالحهم ودولهم، حتى القدرات التي يعتبرها أغلبنا مجرد ادعاءات وأوهام.
ففي عام 1974 وتحديدا في مدينة لانجلي من ولاية فرجينيا الأمريكية قام عدد من ضباط الاستخبارات الأمريكية المركزية بخطوة غير عادية في الجاسوسية، من خلال إطلاق أول عملية تجسس ذهني موثقة في تاريخ الولايات المتحدة!
واستهدفت مركز أبحاث سريا يقع في منطقة نائية من كازاخستان، حيث لم يكن لديهم أي معلومة عن المركز السوفياتي المعروف بـ "المبنى رقم 3 من هيئة البحوث والتطوير السرية"، فلم يكن أمامهم سوى الاستعانة بأحد الذين يدعون امتلاكهم قدرة النظر عن بعد، وبالنظر ذهنيا إلى موقع الهدف، زعم أنه لاحظ وجود رافعة كبيرة على نحو غير عادي في المبنى، وبعد الاطلاع على أحدث الصور للموقع ذهلوا عندما شاهدوا الرافعة الاستثنائية كما رسمها "الناظر عن بعد".
وكالعادة فقد سبقهم الروس في ذلك، ففي أثناء الحرب الباردة استخدم الروس عددا من الذين يمتلكون قدرات خارقة، كالتخاطر وتحريك الأشياء عن بعد والنظر عن بعد، للتواصل مع أسطول غواصاتهم القابعة في عمق البحر، خصوصا في حال الحرب. وفي بداية السبعينيات زارت المؤلفتان الكنديتان "شيلا أوستراندر" و"لين شرويدر" الاتحاد السوفياتي، في رحلة لتقصي حقيقة استخدام هذه القدرات الذهنية، وألفتا كتاب "اكتشافات ذهنية من خلف الستارة الحديدية"، واستغلت الاستخبارات الأمريكية هذه الكتابات للاطلاع على إنجازات الاتحاد السوفياتي في مجال "التكنولوجيا الذهنية"، واستعانوا بالفيزيائي وضابط الاتصال البحري السابق "هال بوثوف"، الذي قرر أنه بالإمكان قياس مثل هذه القدرات، لذا حرص على مقابلة "أنجو سوان" الفيزيائي والرسام المشهور الذي ادعى رؤية كوكب المشتري عن بعد وحول غلافه الجوي ثلاث حلقات غازية! وبعد فترة وجيزة أثبتت صور القمر الصناعي الأمريكي "بيونير 10" وجود تلك الحلقات الغازية حوله! وأخضع لعدة اختبارات للتأكد من قدراته، وبعدها استُخدِم هو ومساعده "بات برايس" في الكشف عن الأهداف الأجنبية. ومن أعظم الإنجازات التي عملها "سوان" -خلاف قدراته الخارقة - تدريب وتطوير الأشخاص العاديين لكي يصبحوا مثل الموهوبين بالفطرة على النظر عن بعد، وسميت هذه العملية "تحديد المواقع من خلال النظر عن بعد"، ورغم أن هذه العملية تتطلب قدرا عاليا من التدريب والاجتهاد، إلا أنها نجحت.
واعترفت وكالة الاستخبارات الأمريكية رسميا في عام 1995 بنجاح تجربة التجسس الذهني، ووجود أشخاص يتجاوزون الوقت والمسافة، ويستحضرون معلومات كانت بعيدة عن حواسنا الخمس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي