أوبريت الجنادرية
عجّلت نشر هذا الجزء من مقالات عدة عن مهرجان الجنادرية بسب الجدل حول أوبريت الجنادرية، الذي يعتبر لشعراء وفنانين تراكماً ثقافياً، وحلبة للتنافس، واعتدنا أن نناقشه كل عام رغم تشابهه بحكم قيوده التنظيمية التي تفترض عدداً من القصائد أولاً يكتبها شاعر محترف عن تاريخ المملكة وتطورها، ثم يلحنها ملحن مبدع من نخبة أهل الموسيقى، ثم يُصار لإخراجها بعناصر فنية بتلازم لوحات بصرية مع لوحات رقص شعبي محلي لمدة تصل للساعة أو تزيد، فهذا الأوبريت كما يسمّى، لزمة منتظرة في الجنادرية، بمعنى أنه عنصر رئيس في الاحتفال ينتظره الجميع مثلما ينتظرون تظاهرة فنية موعودة.
اصطلحنا محلياً على تسمية هذا العرض بمجموعة لوحاته (أوبريت) بدل لوحات فنية، ولا مشكلة ما دمنا اصطلحنا على المفهوم، وهو أنه مجموعة من الأغاني الوطنية ذات الطابع الفروسي الإعلامي، تسمّى أوبريتاً في مكان محدّد، من هنا تواصل إنتاج هذه اللوحات عندنا وفي بعض دول الخليج، فأوبريت الجنادرية بطبيعته كعرض هو أحد استعمالات المسرح حتى إن خلا من اشتراطات مسرحية كالصراع والعقدة وحتى التشخيص، ما إلى ذلك من اشتراطات تعطي المسرحية اسمها.
الفكرة هنا أننا نستطيع أن نقرأ أوبريت الجنادرية لهذا العام بمفردات العرض لا بمنهج المسرح، فالعرض مثل كل عروض الجنادرية تميز بإثرائه ساحة الأغنية بأغان جديدة تتكئ على فنوننا الشعبية تثق بها، ولو لم يكن من فضيلة للجنادرية بكل أوبريتاتها السابقة سوى هذا التسجيل لموسيقات سعودية تتكئ على رقصات وثيمات مسرحانية قديمة لكفى، فالأغنية السعودية تعاني الإقصاء والإهمال في دوائر الفن والتراث الرسمية منذ سنوات طويلة، وتسجيل أغاني التراث وإيقاعاته مكسب للثقافة السعودية قد يحتاج إليه دارسون وباحثون في سنين وعقود قادمة. نقطة الضعف المتكررة في الأوبريت هي تصميم الرقصات الشعبية، حيث تقدم كما هي دون لمسات فنية وعلمية تنقلها من فطريتها إلى مستوى العرض المعبر عن القيم، وكانت المفردة الأهم هي اللوحات البصرية للعرض، خصوصاً ديكور الرقصات وبعض لوحات الجرافيك التي لم تكن بمستوى لوحات قدمت في سنين سابقة، بل ظهرت بعض اللوحات منكشفة، ما أفشلها، ولم تكن أكثر الرقصات من القوة بحيث تغطي هذا العيب، لو أن بعض الفرق قدّمت رقصات خارج الشكل الشعبي، وهي قليلة.
أوبريت هذا العام لم يأخذ وقته في تمحيص الكلمة لا في تصميم اللوحات، وهذا أفقده الكثير من مفرداته الفنية.