حوكمة مؤسسات التعليم العالي
تمتاز مؤسسات التعليم العالي عن غيرها من مؤسسات التعليم العام بمشاركة الجميع في صنع القرارات وإدارة المناشط. الهيكلة التي قامت عليها مؤسسات التعليم العالي تعتمد في جزء كبير من عملها على نظام المجالس وروح الفريق في صنع القرارات وصياغتها، وتمتاز كثيرا بقدرتها على التطور بشكل مستمر وبعيدا عن القيود المفروضة من النظام المركزي في الإدارة. فهل تطبق فعليا مؤسسات التعليم السعودية هذه الإجراءات أم أنها إجراءات مكتوبة وبعيدة عن الممارسة؟
حوكمة مؤسسات التعليم العالي من الموضوعات التي استقت مبادئها وأسسها من فرع حوكمة المؤسسات الخدمية العامة والتي بنيت من أصل حوكمة الشركات. ويمكن أن يُعطى تعريف شامل ومبسط لهذه الإجراءات من خلال التعريف الاداري الذي أطلقه ستيجر وأمانSteger and Amann 2008، والذي يعرف الحوكمة بأنها إنشاء وتأسيس هيكل واضح يضمن المساءلة، والمسؤولية، والشفافية ويعرف الدور الذي تقوم به المجالس والإدارات التنفيذية.
من التعريف السابق يمكن الاعتماد إداريا على ضرورة أن تطبق مؤسسات التعليم العالي وتضمن وجود أنظمة شفافة تؤطر لعمل المجالس واللجان، ويحدد الصلاحيات والمهام التي تمنح للإدارات التنفيذية على جميع مستويات الهرم الإداري، والتي تشكل ضمانا لتحديد المسؤوليات، وتطبيق المساءلة بأنواعها المختلفة في بيئة ذات شفافية عالية ومشاركة من جميع قطاعات المستفيدين All Stakeholders.
ضمان وجود آلية واضحة لاختيار المسؤولين، مع تطبيق آلية الانتخاب أو التعيين وفقا للكفاءة سيغلق الباب أمام كثير من الاعتقادات التي تقول إن النظام الإداري في مؤسساتنا نظام يعتمد على القرب والقبول من قبل المسؤول الأول.
الإفصاح والشفافية من أهم مقومات النجاح الذي تسعى لتطبيقه مدارس الحوكمة المختلفة، ولهذا يجب الاهتمام بتفعيل آليات أكثر وضوحا للإفصاح عن المعاملات والعلاقات الداخلية في مؤسسات التعليم العالي. وهذا من أكبر العوائق أيضا التي قد تواجه المؤسسات حاليا.
ضمان وجود نظام فعال للمساءلة سيحد كثيرا من تضارب المصالح ووجود معاملات خفية تحركها مصالح أشخاص أو مجموعات تسعى للوصول لمكاسب ذاتية بعيدا عن النفع العام.
منذ بدأ بزوغ نجم مصطلح الحوكمة عالميا، والجهات البحثية ومؤسسات التعليم العالي تسعى لدمج الأدبيات العلمية بالخبرات الميدانية للخروج بأفضل ممارسات تضمن العدالة والشفافية. إلا أن هذا المفهوم لا يزال يختبئ في أدراج كثير من مسؤولينا خوفا من تطبيقه. والأسباب هنا نجهلها جميعا، وإلا لكانت الحلول جاهزة لكل المخاوف التي تنتاب الهيئات الإدارية العليا التي تسير هذا القطاع.