ضحايا الطلاق

شاهدت مقابلة مع واحد من أبرز أساتذة الجامعة في المملكة. كنت أستغرب أن الرجل - على الرغم عمقه وفهمه ودراسته في كل أنحاء العالم ومتابعته من قبل أغلب القنوات - يعاني من إعاقة لفظية بسيطة. بل إنه يضطر في بعض الأحيان لالتقاط أنفاسه بين كل كلمة وأخرى. اكتشفت السبب عندما قرأت سيرته الذاتية التي تحدث فيها عن طلاق أمه واضطراره للعيش مع أسرة والدته فترة طفولته.
الآثار التي يتركها الطلاق في الأطفال هي كابوس يمكن أن يدمر حياتهم. الطلاق في حد ذاته كارثة بحق الطفل، وهو يؤدي إلى اضطراره لعيش حياة غير مستقرة في بيت آخر، ويعرضه لصعوبات نفسية واجتماعية من قبل الآخرين. ليس هناك من بديل عن بيئة بيت الوالدين مهما حاول الآخرون أن يعوضوا على الطفل.
قضية الطلاق هي أوضح مثال على الأنانية من قبل الباحث عن الطلاق سواء كانت الأم أم الأب. مهما كان السبب، فالطلاق مصيبة لا يمكن أن يلجأ لها الإنسان لموقف أو مشكلة أو عدم راحة نفسية كما يفسره الكثير من المطلقين والمطلقات، خصوصاً بعد أن يكون الاثنان قد ساهما في دخول إنسان جديد إلى العالم.
يأتي بعد الطلاق مشكلة الحضانة التي يتنافسانها في محاولة للكسب على حساب الطرف الآخر. يقتل هذا التطور الخطير المزيد من الثقة والبراءة والمحبة لدى الطفل "الضحية". تساهم المحاكم في الإساءة للطفل بطول مدة التقاضي التي تصل إلى سنوات، يبقى الطفل خلالها في حالة من عدم الاستقرار، محاولاً إرضاء كل طرف ليحصل على الراحة النفسية.
شاهدت أكثر من مرة مَنْ يحاولون أن يقنعوا أطفالهم بالإساءة إلى شركائهم السابقين في الزوجية، ويضطر الطفل لمجاراتهم لمجرد ضمان القبول، وتفادياً للغضب أو الضرب الذي يمكن أن يطوله من الأب أو الأم أو أقاربه الآخرين. تصوروا أن يُحرم الطفل من التعبير عن رأيه بل ويكذب في مشاعره، يتطور أمر مثل هذا ليصبح جزءاً من أسلوب حياة الطفل، ما يدفع به إلى حياة غير مستقرة في المستقبل ويزيد ضحايا الطلاق الأساس.
أدعو من هنا كل الأزواج إلى التنازل بما يحمي أطفالهم من آثار الطلاق النفسية والجسدية. فإن حدث، أتمنى منهم أن يضعوا مصلحة الأطفال أولوية، والقضاة في المحاكم لإنهاء هذه القضايا بسرعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي