الاستثمار المؤسسي.. يا «غزال»

نفتخر جميعا عندما يقال إن المملكة ضمن أكبر 20 اقتصادا في العالم، فهذا يعطي اطمئنانا للمواطن والمستثمر وقبلهم المسؤول على مستقبل البلد اقتصاديا. لكن الأمر ليس كذلك، عندما نعرف أن عدد السجلات التجارية في المملكة بلغ 868.5 منشأة تجارية وذلك حسب موقع العربية (يونيو 2013). منها فقط 21.130 شركة مشكلة أقل من 2.5 في المائة. هذا يعني أن أكثر من 97 في المائة تراوح بين المؤسسات الفردية الصغيرة جدا، وبين المؤسسات المتوسطة.
حقيقة أن أغلب مؤسسات واقتصادات البلد تقوم على مؤسسات صغيرة أو فردية وهذا أمر مقلق على المدى البعيد، لافتقاد مثل هذه المنشآت لدوافع الاستمرارية والبناء العام للوطن. إذا يجب أن نعترف أن سمعة الاقتصاد الوطني إنما اكتسبها من قوة موارد الدولة النفطية وليست بناء على قوة الاقتصاد الداخلي. وهذا مشكلة يشترك فيها الجميع.
قد تسعد وزارة التجارة بعدد السجلات المصدرة لأنها تعطي مؤشرا على قوة الاقتصاد وحرية العمل في المملكة، لكن هذا مؤشر مضلل للاقتصاد الوطني. ويجب أن تساهم كل مؤسسات الوطن المتخصصة في دراسة هذه الظاهرة ودعم الحلول الاستراتيجية لحل هذه الإشكالية التي تزيد يوما بعد يوم. عندما نبحث عن حلول، نعرف جميعا أن قوة الاقتصاد تنطلق من المؤسسات المتوسطة والأقل منها قليلا، ولكن لا يستمد الاقتصاد قوته من مؤسسات فردية لا تملك الرؤية الواضحة أو الحلول الدائمة لمواجهة أزمات السوق. ولنا في مرحلة تصحيح العمالة السابقة أكبر مثال، لأن هذه المؤسسات كانت تعتمد بشكل كبير على عمالة مؤقتة وعمالة مرحلية تأتي لاكتساب التدريب والخبرة والمال ثم تهاجر إلى مواقع أخرى تمنحها الفرصة لبناء استثمارات أكثر نضوجا.
الحلول تأتي من خلال الفكر المؤسسي للاستثمار، والذي يعني قيام كيانات اقتصادية متوسطة الحجم تملك رؤى مستقبلية أهمها الاستمرارية، ولا تتأثر بعوامل التغيرات المحيطة مثل انتقال الملكية الفردية أو أزمات السوق المعتادة من نقص الموارد أو ضعف التمويل أو كثرة المنافسين.
يجب أن نبحث عن مؤسسات داعمة لتكوين فكر اقتصادي مؤسسي لا فكر استنساخي فردي يسعى لكسب مرحلي، ثم الخروج من السوق دون أية التزامات وطنية على المدى البعيد. الحاضنات الاقتصادية تشكل حلا لمثل هذه المشكلات إذا فعِّل دورها وأعطيت إمكانات لتأسيس الاستثمارات المحمية قانونيا حتى تقف كاقتصاديات داعمة للاقتصاد الوطني الشامل.
الشركات الكبيرة عليها عبء وطني ينبثق من مسؤولياتها الاجتماعية لتحقيق الاستدامة والنمو للمجتمع الذي تعيش فيه، من خلال احتضان المشاريع المكملة لها، والمساهمة في تأسيسها واحتضانها لتكون عوامل داعمة لنجاح تكاملي بعيدا عن المنافسة التي تضر بالسوق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي