«ما أريكم إلا ما أرى»

فقد مفهوم الانتخابات جزءًا كبيراً من الاحترام في المجتمع السعودي، خصوصاً بعد أن أفرزت انتخابات مجالس المناطق شخصيات لم ير فيها الناس القدرة على تحقيق ما يتمنونه. سيطرت على الانتخابات القبلية والمناطقية وعلاقات الأسر، فلم تنتج الأكفأ، وهذا أمر متوقع.
استمر نزف الاحترام لهذا المفهوم مع انتخابات الغرف التجارية والتحالفات التي لم تكن مبنية على تحقيق مصالح الأعضاء، لدرجة استغلال البعض مفاهيم الدين لتحقيق مآرب انتخابية. شاهدنا في الفترة الماضية الكثير من عمليات شراء الأصوات، والوعود الانتخابية التي لن تُحَقَّق، وشكاوى كيدية بين المتنافسين.
طفا إلى السطح خلال الفترة الأخيرة تحول من نوع جديد، وهو هروب مؤسسات المجتمع المدني من مفهوم الانتخابات، بسبب الحروب الداخلية التي تهدف للسيطرة على القرار. أشهر المعارك هي التي عاشتها وتعيشها جمعية حماية المستهلك، معركة استُخْدِمت فيها كل الأسلحة. وصل الحال بأحد طرفيها إلى اللجوء لوزارة التجارة لتسمح له بالسيطرة على الوضع، وهو ما كان.
تواجه الجمعية الوطنية للمتقاعدين هذه الإشكالية، فرغم أن مجلس الإدارة منتخب، وإن بطريقة غير معبرة عن رغبة أغلبية المتقاعدين في المملكة، إلا أن المجلس "المنتخب" يصر على تعيين مديري الفروع. كان الأجدر أن تُعرض أسماء المرشحين على متقاعدي المنطقة من خلال لقاء استشاري يحاول تحقيق رغبة الأغلبية. هذه إشكالية يمثلها توجه الإدارات المنتخبة للتعيين، وهي ظاهرة غريبة.
أكثر الأمور سوءاً هو محاولة موظف "مُعيَّن" أن يسيطر على مواقع يتم الاختيار فيها بالانتخاب، ليضع فيها من يشاء من "البصمجية" بغض النظر عن رغبة الجمعية العمومية التي يدفع أعضاؤها رسوماً تعطيهم حق انتخاب ممثليهم. هذه هي حالة الهيئة السعودية للمهندسين.
حرصت الهيئة على أن تربط وجودها بجهة تدعم نشاطها فتوصلت إلى الارتباط بوزارة التجارة والصناعة ليكون الوزير رئيساً لمجلس إدارتها. إلا أن الوزير قرر أن الجمعية العمومية المكونة من مهندسين مؤهلين في الحد الأدنى بدرجة البكالوريوس، ليست بمستوى أن تختار وتحاسب أعضاء مجلس الإدارة، وأنه هو الأدرى على مبدأ "ما أريكم إلا ما أرى". لم أتوقع أن أوجه هذا الكلام للوزير الربيعة، ولكن ما هكذا تدار مؤسسات المجتمع المدني يا معالي الوزير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي