توحيد الاستثمار خطوة حتمية

الخطة التي أمر بإعدادها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لتكون إطاراً موحداً للاستثمار في المملكة في كل قطاع، جزءٌ أصيلٌ من نجاح الحراك الاستثماري السعودي الهائل الذي يشمل كل القطاعات؛ وفق استراتيجية أكسبت الاستثمار صفة تاريخية من حيث الأموال المرصودة والتنوع. والخطة ضرورية، ليس فقط من أجل تنسيق العمليات الاستثمارية، بل أيضاً للوصول إلى أفضل العوائد المرجوة منها، خصوصاً عندما تكون الأدوات متشعبة ومتعددة، والجهات الحكومية متنوعة، فضلاً عن وجود بعض التداخل الطبيعي بين هذا القطاع أو ذاك. ومن غير هذه الخطة، ستكون الأمور أكثر تعقيداً بين هيئة الاستثمار والجهات المعنية به. لقد شهدنا الكثير من التضارب في مخططات استثمارية عربية، بسبب غياب هذا النوع من الخطط. وفي بعض الحالات، كانت العوائد أقل كثيراً مما كان مخططاً لها.
ولو أضفنا إلى هذا الحراك الشراكات المحلية والأجنبية، فإن أهمية الخطة المزمعة تزداد. فالإنفاق الحكومي الهائل، يتطلب حاضنة متطورة له، فيها من الأدوات ما يرفع القيمة الإنتاجية، ويحقق الأهداف الموضوعة. مع ضرورة التأكيد على أن دور القطاع الخاص في الحراك الاستثماري الكبير، يستوجب وجود الخطة المشار إليها، بما يكفل تناغماً لتمكين الاستثمار. والمعايير في هذا المجال متغيرة بين قطاع وآخر، ومؤسسة وأخرى. والخطة الموحدة ستحدّد المعايير، بما يتناسب مع كل جهة أو قطاع. والهدف الأول هنا أن القطاعات كلها ستتقدم خطوات كبيرة إلى الأمام في مجال التنافسية العالمية المستوى. لقد أثبتت التجارب في البلدان التي أطلقت خططاً استثمارية كبيرة، أن الشراكات الفاعلة بين القطاعين الخاص والعام، تمثل أفضل صيغة لتحقيق الأهداف المرجوة منها. ففي بعض البلدان العربية، اتخذت هذه الشراكات صفة الصورية أكثر منها الفعلية أو العملية.
لا شك في أن خطة الاستثمار الموحدة ستدفع القطاع الخاص إلى الأمام بصورة أفضل وأقوى، خصوصاً أنه يحتاج إلى تطوير كغيره من القطاعات الأخرى، وفي مقدمتها القطاع الحكومي نفسه. فالمملكة على أعتاب مرحلة جديدة تماماً تشهد بناءً اقتصادياً وطنياً لا يشبه الاقتصاد الذي مر بمراحل متعددة في السابق. ولعل من أهم مزايا هذه المرحلة أن التوجّه لمزيد من تحرير الاقتصاد، أصبح المحور الرئيس للمخططات الاستثمارية الشاملة. إن مسألة تحديد الاستثمارات المستهدفة، تبقى النقطة المحورية الأهم، ومن دون ذلك ستكون هناك فوضى استثمارية، ستنشر العقبات في طريق الحراك الاقتصادي بشكل عام. وتوحيد الجهود في هذا المجال، سيرفع من مستوى العوائد المستهدفة. هذه هي النقطة المحورية في الخطة الاستثمارية الموحدة.
وهذا ما دعا إليه محافظ الهيئة العامة للاستثمار، الذي شدّد على ضرورة "توحيد الجهود، للاستفادة من معطيات هذه المرحلة، بما تشمله من تحديات وفرص لإحداث نقلة نوعية في اقتصاد السعودية"، وهو طرح ما يمكن تسميته "الفكر المتقدم للاقتصاد الوطني"، وهذا يعني أن الأفكار السابقة لم تعد ذات قيمة، ضمن النطاق الذي بدأت فيه السعودية التحرُّك، وأطلقت استراتيجية استثمارية هائلة التمويل، وشاملة لكل القطاعات. من دون الخطة الاستثمارية الموحدة، سيتأثر النمو المستهدف سلباً؛ لأن ذلك سينعكس بصورة عكسية على الإنتاجية بشكل عام. فعندما يتأسّس البرنامج الاستثماري المشار إليه، على مبدأ الشراكة والتعاون المطلق – كما قال محافظ هيئة الاستثمار- فلا مفر من خطة لتوحيد الجهود، والوصول بالاستثمارات إلى مستوياتها النوعية. إن خطة كهذه ستصون الاستثمار والمستثمرين، وكل طرف له دور في بناء الاقتصاد السعودي على أسس ليست جديدة فقط، بل مبتكرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي