«البطريق» ورعاية الشباب
مع كل "تقليعة" حديثة نجد الشباب السعودي في مقدمة "المتقلعين" بها، وآخر تلك التقليعات هي رقصة تُعرف بـ "رقصة البطريق" التي انتشرت انتشاراً واسعاً بين شبابنا وأدّوها في مناسبات مختلفة وظهرت في عشرات المقاطع على "يوتيوب".
الرقصة تلك لا عرق لها في سلالة العرب، ولا يوجد بينها وبين "العرضة" النجدية أو "الدحة" الشمالية قرابة أو نسب، فهي تعود إلى "فولكلور" فنلندي مزجه شاب ألباني بموسيقى من فيلم كرتوني عن البطاريق، وقدّمه هدية في حفل زفاف شقيقته منذ أكثر من عام.
لم تكن تلك التقليعة أو الرقصة المنسوبة إلى "البطريق" هي الأولى فقد سبقتها تقليعات عدة من أشهرها رقصة "هارلم شيك" و"غانغام ستايل"، ناهيك عن مقاطع "الكيك" التي يتفنن فيها الشباب السعودي بشكل "مقزّز"، في إشارة إلى فراغ يعانونه حد الغرق.
الشباب السعودي يعاني فراغاً قاتلاً، فقد كشفت دراسة حديثة أجراها مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام، أن 24 في المائة من الشباب يعانون فراغاً بمقدار 12 ساعة في اليوم، وهي نسبة عالية وفترة طويلة يجب التيقن إليها وملؤها بما ينفع الشباب ومن ثم البلد.
السعوديون تحت سن 30 عاماً يعادلون ما نسبته 72 في المائة من مواطني المملكة البالغين 18 مليوناً، أي أن لدينا نحو 12 مليون شاب أو مقبل على سن الشباب من الأطفال والمراهقين، ولديهم "رعاية" يُفترض أن تهتم بهم ألا وهي الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي يرأسها الأمير نواف بن فيصل.
ما يُفترض هو أن تحتوي الرئاسة العامة لرعاية الشباب الملايين من السعوديين في سن الشباب، ولكن ما هو واقع أن الرئاسة - مع الأسف - منصبٌ اهتمامها على بضعة آلاف من الشباب ألا وهم لاعبو الأندية في مختلف الألعاب والدرجات، وهو ما يفسر لنا سبب الفراغ الذي نشأت عنه تلك التقليعات "الخادشة" للحياء.
الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي رفعت الحكومة ميزانيتها بنحو 16 في المائة عن ميزانية العام الماضي ما زالت تعتقد أنها رئاسة للرياضيين فقط وليتها مع ذلك طوّرت في رياضة البلد ورياضييه؛ بل ما زالت تخطو من فشل إلى آخر دون إنجاز أو منتج يمكن أن نفتخر به.
على "رعاية الشباب" أن تعمل وفق مسمّاها وترعى شباب البلد كله، لا أن تختزل عملها في رعاية الرياضيين فقط، وإن كانت مصرة على ما تقوم به فعليها أن تغير اسمها من "رعاية الشباب" إلى رعاية الرياضيين، وأن تكون اسماً على مسمى وألا تدّعي رعايتنا ونحن من رعايتها براء.