في ملف السكن..الحلول ليست مستحيلة

مشكلة تملك السكن ليست جديدة ولكن اكتشافنا لها هو الجديد، ولعامين مضيا بدأنا في البحث عن حلول، وطرحت الحكومة مبادرات عديدة أهمها إنشاء وزارة الإسكان، وصدور عديد من القرارات الداعمة لبرامج حل مشكلة السكن، وفي مقدمتها زيادة القرض الحكومي وسن قوانين تساعد على عملية التمويل من الشركات التي تم الترخيص لها حديثا، وهي جزء من المصارف المحلية، وقد كشفت وزارة الإسكان أن صناعة العقار لدينا غائبة وتعد عبئا اقتصاديا بسبب عدم التنظيم من جانب، وعدم وجود آليات عمل السوق. أما القدرة على تملك السكن، فإن دراسات دخل الأسر السعودية تبيّن أن 60 في المائة منها دخلها أقل من 8500 ريال شهريا.
قيمة العقارات، خصوصا الأراضي ارتفعت إلى معدلات تفوق دخل الموظف لما يقارب نصف خدمته في الجهة التي يعمل فيها، وفي المقدمة موظفو القطاع العام. ومن يراقب الأسعار يجد أنها تصعد ولا تهبط وتتحرك عشوائيا بضغط من المتربحين في السوق والمتربصين بالفرص الموعودة، أما المعروض فقليل والطلب لا يتناسب مع العرض على أي حال، ما جعل السوق لا تستجيب للحلول الحكومية رغم نجاعتها وقدرتها على تحريك هذا الملف إلى الأمام بما يحقق مصلحة الأفراد والأسر، وقد أسهمت جهات أخرى في وضع الحلول، ومنها وزارة البلديات، حيث سمحت بزيادة بعض الأدوار في مخططات جديدة وقديمة، وبذلك توافرت وحدات سكنية للإيجار.
نعم اليوم تكاملت منظومة القوانين التي كان الجميع يطالب بها، لأن عدم وجودها عطل التطوير وأضعف دور الشركات الاستثمارية في مجال التطوير العقاري، لأن تلك الشركات هي القادرة على تنمية المعروض، نتيجة عقبات كثيرة كالتمويل والضمانات، وكذلك وضع حد لما يمكن أن تقدمه المصارف للعملاء في سوق العقار وهي مصارف محلية ولديها الملاءة المالية والقدرة الإدارية على بث الحراك في ملف السكن، وتقليص دور مضاربي العقار وصانعي مشكلاته ومعضلاته ومن يقف خلف الصفقات الوهمية فيه، التي لها وظيفة واحدة، وهي إقناع الجميع باستمرار الطلب العالي والتداول القوي من أجل إبقاء الأسعار مرتفعة قدر الإمكان، وهذا أوجد فكرة ضرورة المحاسبة على من يمارس التلاعب في سوق العقار مثله مثل من يتلاعب في سوق الأسهم بالتداول الوهمي والمصطنع.
إن تكاليف احتكار العقار في المملكة صفر، فلا توجد هناك تكاليف مطلقا، ومقارنة بما يجري عليه العمل في دول مجاورة وحتى بعيدة، هناك زكاة أو ضرائب أو رسوم مقابل الخدمات، وفي دول يعد الاحتكار العقاري ممنوعا ويعاقب عليه في إطار الغرامات المالية الباهظة، نتيجة تغليب مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد، أما في الغالب الأعم، فإن فكرة تجميد الأصول العقارية، أي الأراضي دون استثمار، فهي فكرة غير واردة أصلا، حيث يتم الانتقال بهذه الأراضي البيضاء من جمودها، لتكون عنصرا إيجابيا في الاستثمار العقاري الناجح الذي يحقق إيرادات وعوائد يسمح باستثمارها في مجالات أخرى، ولذا فإن بقاء أراض بيضاء لسنوات طويلة سمح بوجود مساحات كبيرة خالية في المدن شوهت منظرها العمراني، بل حرم المجتمع من قيمتها وتحولت إلى عبء على ملف السكن.
نعم ملف السكن هو أهم الملفات اليوم طرحا وتأثيرا في حياة الفرد والأسرة والمجتمع، وهو الأكثر تأثيرا إيجابا وسلبا في الاقتصاد الوطني، ففيه تحديات لمعظم الوزارات والمصالح الحكومية، لأنه أصبح يعيق النمو الاقتصادي والاستثمار الأمثل للموارد، ويعطل الاستفادة من البنى التحتية بسبب احتكار الأراضي، ويحرمنا من فتح فرص وظيفية ممكنة لعشرات الآلاف من فرص العمل والاستثمار في الاقتصاد، فتوقف نمو المعروض بسبب احتكار الأراضي طويلا تعطيل للتنمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي