نظام تشغيلك
في عالم الكمبيوترات والأجهزة التقنية توجد دائما "فيروسات" وثغرات، هناك أنظمة كومبيوتر من النوع الراقي الممتاز لا تكون أصلا قابلة لقراءة الفيروسات التي شاعت وانتشرت بين الأنظمة الأخرى الأقل ثمنا وجودة.
"أبل" مثلا من عظمة اعتدادها بنفسها وبنظام أجهزتها ليس من الضروري أن تحمّل برامج وقاية وحماية من الفيروسات لأنها أصلا لا تقرأ الفيروسات ولا تراها كي تحمي نفسها منها. حين أنقل معي ملفات متأكدة أنها مصابة بفيروسات من جهاز العمل "ويندوز" أفتحها في جهاز الماك في البيت بكل اطمئنان لأنه لا يقرأ الفيروسات أصلا ولا يعترف بها.
النظام الأكثر جودة والأغلى ثمنا وأحيانا يكون الأقل شراء من غيره هو الأرقى أيضا والأقل مشاكلا من غيره، الأجهزة الإلكترونية والذكاء الصناعي فكرته أساسا محاكاة العقل البشري، الذكاء الاصطناعي كونه قدرة التقنية على أن تأخذ من الإنسان البشري معلومات معينة فتحللها وتستنتج منها لتعطيه النتائج. لكني أجد التقنية ليست فقط تحاكي عقول البشر تحليلا وحلا للعديد والكثير من المسائل والأفكار، بل هي أيضا تحاكيه خُلُقا" وأسلوب حياة لكن دون سابق للترصد والإصرار.
لو اخترت أن يكون نظام تشغيلي في الحياة أرقى نظام تشغيل ممكن - أتكلم عن نفسي وليس عن جهازي - ليكون نظامي الأقل توافرا والأعلى ثمنا، لا يقرأ الفيروسات ولا يراها ولا يجرؤ أي منها حتى على الاقتراب منه، إنه "أعقد" من أن يكون معدود الثغرات، وهو كذلك لا يؤمن بحرب الفيروسات كي يثبت وجوده أو انتصاره، يرى أن الأرض تتسع للجميع وأن الجميع سيدفع دوما ثمن اختياره سواء اختار نظام تشغيل زهيد الثمن سهل الاختراق، أم اختار أن يؤمن لنفسه نظام تشغيل أعلى.
الحياة دوما تطرح أمامنا الخيارات، ونحن فيها في طفولتنا أشبه ما نكون بأجهزة بدون نظام تشغيل بعد، نكبر قد نكون محظوظين فنختار أنظمتنا بأنفسنا وقد لا نكون بهذا الحظ الوافر لكن في النهاية يفترض أن نصل لمرحلة نحدد بها في أي نظام تشغيل نحن!
وربما تحدث هذه الأزمة غالبا في مرحلة المراهقة والشباب.
حين نفرد الخيارات من جديد، ونسأل ونبحث وقد تُشفى أسئلتنا وقد تشقى، لكننا في مرحلة البحث والشغف نحيا ونعيد إصدار أنفسنا كل مرة بشكل أعقد وأكبر. المؤسف والبائس أن نظل بأنظمة تشغيل قديمة ومهترئة ونظل نستسلم لأي هجمة فيروسات مفاجئة أو هجمة قراصنة ومتلصصين فنعيش طوال العمر لا نصنع أفعالا، بل تكون ردود الأفعال هي كل ما نملك.
قال تعالى "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم".
جاء في الحديث:"لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم..".
ويخلد الدليل الذي نزل من السماء مصدقا فقط لنتمكن من "تكوين" نظام "شخصي" و"مستقل" لمختلف المواقف في الحياة.