متلازمة التعصب العربي
لا أستغرب حالة التعصب الرياضي التي تتلبس مجتمعاتنا. الرياضة بما تملكه من سقف أعلى تمنح الأصوات رحابة من أجل التعبير. هنا تظهر كل أعراض التعصب: العنصرية، مجانبة الحق، التجني، الفجور في الخصومة... إلخ.
الحقيقة أن هذا المشهد يتكرر في موضوعات أخرى، لكنه يبقى محصورا بقوانين العيب في الأماكن العامة، فتغيب هذه الأمور، وسرعان ما تظهر في الجلسات الخاصة، لتتحول إلى نوع من الرأي الجمعي تجاه هذه المنطقة أو تلك الطائفة.
لكن يبدو أن قوانين (العيب) ومتطلبات اللياقة والمجاملة تتراجع في مواقع التواصل الاجتماعي، ولهذا صار الحوار على المكشوف، وسرعان ما تتسلل من خلال هذا الحوار جملة من المترادفات والألفاظ المسكوت عنها: طرش بحر، رافضي، صفر سبعة، بدوي... إلخ.
هذه الظاهرة ليست محلية. كل مجتمعنا العربي يعاني هذه الآفة. وهي في مجتمعات عدة سببا لنعرات وحروب لا تكاد تتوقف حتى تشتعل من جديد.
في حادثة إحراق مكتبة السايح في طرابلس واستهداف حياة صاحبها النصراني، جاءت المسألة تجاوبا مع إشاعة حول كونه أساء للإسلام من خلال مقالة ثبت لاحقا أن كاتبها مسلم. لكن التربص المرتبط بالتعصب المسبق أفرز هذه النتيجة في مجتمع لم يتمكن من القفز من هاجس الطائفة والدين.
الغرب يعاني هو الآخر التعصب الرياضي وغير الرياضي، لكن المجتمع عالج الغلو في الظاهرة من خلال قوانين صارمة. أما مجتمعاتنا العربية فهي تضيف كل يوم مزيدا من القوانين التي تسهم في تكريس التعصب، وتغدو مهمة مؤسسات حقوق الإنسان مجرد تبييض للصورة في المجتمع الدولي، مع غياب للعمل الجاد لإضفاء مزيد من الإنسانية على وعينا.
حتى الكراهية يحتاج تهذيبها إلى قوانين رادعة، فنحن لا نعيش في المدينة الفاضلة.