كارينيو وناصر الشمراني

أعشق الرياضيين الذين يملكون روح التحدي، وأهتم بمتابعة أخبارهم، وتصريحاتهم، وأعتقد دائما أن هؤلاء هم الرياضيون الحقيقيون الذين يزرعون الحماس وثقافة النصر، في من حولهم.
من أبرز هؤلاء، المعاصرين البرتغالي مورينيو الذي بدأ مترجما وتدرج حتى أصبح واحدا من أهم الأسماء في تاريخ مدربي كرة القدم.
.. يتفنن مورينيو في دعم أي فريق يقوده بتصريحاته الأخاذة الجذابة، التي تبث الحماس والرغبة في لاعبي الفرق التي قادها. وعندما كان يقود إنتر ميلان ويستعد لمواجهة برشلونة في نصف نهائي القارة الأوروبية، قال: "نريد أن نعيش حلم الفوز بالكأس، نعم هذا صحيح، لكن هناك من عنده هوس للفوز، الحلم أكثر طهارةً من الهوس، الحلم مدعاةٌ للفخر". ولا يبتعد مواطنه رونالدو عنه، في روحه المتقدة داخل الميدان، مهما كان الخصم، عندما واجه برشلونة المدجج بالنجوم، قال قبل إحدى مبارياتهما: "كثيرون يعتقدون أنهم (برشلونة) أفضل منا، لكننا نملك الرغبة والتحدي أكثر منهم"، وفعلها رونالدو مرات وهزم برشلونة رغم أفضلية الأخير المطلقة في السنوات الأخيرة.
النجاح حالة جوع مستمرة، تبث الدماء في شرايين كثير من الرياضيين، ومتى غابت أصبح الجسد جثة هامدة تنتظر الدفن، ولا يمكن زراعته في أي إنسان ما لم تكن بذرتها موجودة، ويمكن تطويرها واستثمارها بالتدريب والمثابرة، وعن هذا قال لاعب كرة القدم الأمريكية، إيميت سميث: "بالنسبة لي، الفوز ليس شيئاً يحدث فجأة في الملعب عندما تطلق صافرة الحكم ويهلل الجماهير، الفوز شيء يبنى جسدياً وعقلياً كل يوم تتدرب فيه وكل ليلة حلمت فيها بالفوز".
في الدوري السعودي، تعجبني روح التحدي التي تسكن صدر الأوروجوياني دانيال كارينيو مدرب النصر، وهو الذي قال بعد مواجهة فريقه أمام الأهلي: "تعرضنا لظروف صعبة، وانتصرنا بالرغبة". عندما أخرج سامي الجابر لاعبه سالم الدوسري في مباراة الديربي التفت كارينيو إلى مجاوريه وقال بابتسامة النصر: انتهت، فزنا. وحين حقق المنافس التعادل، التفت إليهم وكل علامات الحزم ترتسم على وجهه: سنسجل وسننتصر أيضا.
فارس آخر يشع بالتحدي والطموح في دورينا هو الهداف الجامح ناصر الشمراني، رجل يكره الهزيمة، يكره أن يبقى على مقاعد البدلاء لأي سبب لأن في دواخله رغبة لا تنطفيء تدفعه للانتصار دائما، وهو الذي تعرض لمواقف صعبة في مسيرته وعبرها منتصرا دون أن ينكسر. لا يعرف البعض أن ناصر أجرى عمليتين جراحتين للرباط الصليبي، وعاد أقوى مما كان، تعثرت مسيرته الدولية أكثر من مرة، ولم تمت في روحه رغبة النجاح، غادر الشباب الذي صنع أمجاده فتوقع البعض أن يخفت نجمه، لكنه لمع أكثر من ذي قبل، يهبط مستوى الهلال ولا يختفي ناصر، يتثاءب الفريق الأزرق، ويبقى صوت الشمراني مسموعا لا يخفض، إنه رجل تحد حقيقي، يتسلح بالرغبة الجامحة في الانتصار.
يقول السياسي الشهير روبرت روس: "عندما أقوم ببناء فريق فإني أبحث دائما عن أناس يحبون الفوز، وإذا لم أعثر على أي منهم فأنني أبحث عن أناس يكرهون الهزيمة"، بالضبط هما كارينيو وناصر الشمراني العضوان المطلوبان في أي فريق يريد النصر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي